للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد جاء الحديث عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "شرُّ الناس سرقةً الذي يسرق من صلاته". قالوا: يا رسول اللَّه، وكيف يسرق من صلاته؟ قال: "لا يتم ركوعها، ولا سجودها" (١). فسارق الصَّلاة قد وجب الإنكار عليه ممن رآه، والنصيحة له. أرأيت لو أن سارقًا سرق درهمًا، ألم يكن ذلك منكرًا يجب الإنكار عليه ممن رآه؛ ! فسارق الصَّلاة أعظم سرقةً من سارق الدرهم، وجاء الحديث عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: من رأى من يسيء في صلاته فلم ينهه شاركه في وزرها وعارها، وجاء في الحديث عن بلال بن سعدٍ أنه قال: الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، فإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة (٢). وإنما تضر العامة؛ لتركهم ما يجب عليهم من الإنكار والتغيير على الذي ظهرت منه الخطيئة؛ فلو أن عبدًا صلَّى حيث لا يراه النَّاسُ، فضيع صلاته، ولم يتم الركوع والسجود كان وزر ذلك عليه خاصةً، وإذا فعل ذلك حيث يراه النّاس، فلم ينكروه ولم يغيروه، كان وزر ذلك عليه وعليهم.

فاتقوا اللَّه عباد اللَّه في أموركم عامةً، وفي صلاتكم خاصةً، وأحكموها في أنفسكم، وانصحوا فيها إخوانكم، فإنها آخر دينكم فتمسكوا بآخر دينكم ومما أوصاكم به ربكم خاصةً من بين الطاعات التي افترضها اللَّه عامة، وتمسكوا بما عهد إليكم نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصةً، من بين عهوده إليكم فيما افترض عليكم ربكم عامةً، وجاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه


(١) رواه الإمام أحمد ٥/ ٣١٠، وابن خزيمة في "صحيحه" ١/ ٣٣١ (٦٦٣) من حديث أبي قتادة بنحوه، والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" (٩٨٦) وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وغيره انظر "مجمع الزوائد" ٢/ ١٢٠.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>