وقال النسائي في السنن الكبرى (١/ ٨٣) قال أبو عبد الرحمن: ما نعلم أحدًا تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين. فهذا عبد الرحمن بن مهدي وأحمد وابن معين ومسلم وأبو داود والنسائي رجحوا ضعفه للمخالفة مع اختلاف الطريق، ولم يخرجه البخاري مع أنه على شرطه، فيظهر أنه لعلة المخالفة. قال النووي في المجموع بعد أن نقل عن الأئمة المتقدم ذكرهم تضعيفهم للحديث (١/ ٥٠٠): «هؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن فهؤلاء مقدمون عليه، بل كل واحد لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة ... ». اهـ فلم يمنع من إعلال الحديث مع كونه طريقًا مستقلًا، ونرجع لحديثنا فمع هذا الاختلاف لا يمكن للباحث أن يجزم بصحة إسناده، مع أن القول بالتحريم يفتقر إلى إسناد صحيح خال من النزاع؛ لأن الأصل الحل، ولا ننتقل عنه إلا بدليل صحيح صريح خال من النزاع، وأما الذين يرون في مثل هذه المسائل أن الاحتياط التحريم فلم يحسنوا؛ لأن الاحتياط أن يتورع المجتهد عن الجزم بتحريم شيء على الناس بمجرد الشك ولكن لا بد في ما يختاره المجتهد لغيره من اليقين أو غلبة الظن بأن مثل هذا حرام، وأما ما يختار الإنسان لنفسه من باب الاحتياط فالباب واسع، وقد يلزم الإنسان نفسه ما لا يلزمه أهله وولده فضلًا عن الناس، والله أعلم. (١) جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب (ص: ٤٧٧). (٢) ذكره عنه ابن حجر في الفتح (١٠/ ٣٥٤).