للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكي عن بعض المتقشفين أنه كان يشارط الحمامي على قدر ما يستعمله من الماء، ولا يحتاج الأمر إلى ذلك إن شاء الله تعالى؛ لأن فاعله بعد مستهجنًا، وكان يلزمه أن يجلس في الحمام بالمنكام؛ لينضبط له مقدار الزمان. ولم يجعل الله سبحانه وتعالى علينا في الدين من حرج، بل أموال اليتامى التي من تعمد أكلها أطعم يوم القيامة نارًا، قد أباح الله تعالى شركتهم في أطعمتهم من غير تقدير، بل بما جرت به العادة، وقال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة: ٢٢٠] (١).

ويقول ابن عابدين: «وللعرف؛ لأن الناس في سائر الأمصار يدفعون أجرة الحمام، وإن لم يعلم مقدار ما يستعمل من الماء، ولا مقدار العقود، فدل إجماعهم على جواز ذلك، وإن كان القياس يأباه لوروده على إتلاف العين مع الجهالة» (٢).

[الدليل السادس]

أن دخول الحمام وإن كان الإنسان قد يعرف من نفسه القيام بستر العورة، لكنه لا يضمن ذلك من قبل الناس، فلا يجوز له أن ينظر إلى عورة الناس، كما يجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لم يمتثل الناس اعتزلهم، وإذا كان الناس في الأزمان المتقدمة يغلب عليهم الحياء، فإنهم في هذا العصر انقلبت فطر كثير منهم، وصاروا يمشون عراة على شواطئ البحار من غير نكير، لا تعرف الرجل منهم من المرأة، ولم يقتصر الأمر على العورة المخففة، بل قد يصل ذلك إلى العورة المغلظة، فيجب قطع الباب سدًا للذريعة.

• وأجيب:

بأن دخول الحمام محرم إذا اشتمل على فعل محرم، وذلك مثل كشف العورة، أو


(١) الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمام (ص: ٩٦).
(٢) حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>