وهذا مع كون إسناده ضعيفًا، فإنه من مراسيل الحسن، وهي من أضعف المراسيل، والله أعلم. وأما قول الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/ ٤٩٩): «ولأبي داود، وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس مرفوعًا (يكون قوم في آخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة) وإسناده قوي إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وعلى تقدير ترجيح وقفه، فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع. فإن كان يعني الحافظ أنه موقوف على صحابي فمسلم، ولم أقف عليه موقوفًا على ابن عباس. وإن كان يقصد الحافظ أنه موقوف على مجاهد فليس بجيد لأن قول التابعي قولًا لا مجال للرأي فيه كأن يكون من الغيبيات، هل يكون له حكم الرفع؟ ، بحيث يقال: إنه في حكم المرسل. أو يقال: إنه موقوف عليه، وفرق بينه وبين الصحابي من وجوه. الأول: أن الصحابي الغالب منه أنه يروى عن صحابي مثله، أو عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالتالي الواسطة ثقة، فيكون له حكم الرفع، بينما التابعي قد يروي عن تابعي آخر، والتابعي الآخر قد يكون حافظًا، وقد لا يكون. الوجه الثاني: أنه على التسليم بأن له حكم المرسل، فمرسل التابعي ضعيف، بخلاف مرسل الصحابي رضي الله عنه. الوجه الثالث: إذا كنا نشترط في الصحابي ألا يكون ممن يروى عن الإسرائيليات إذا أخبر بأمور غيبية من قوله، فما بالك بالتابعي. وعلى كل حال فهذا البحث من المباحث الأصولية الحديثية التي ينبغي أن تحرر من أقوال المجتهدين، وعمل المحدثين. فالشاهد هل هذا الاختلاف يؤثر في الحديث أم لا؟ قد يقال: لا يؤثر؛ لأن الاختلاف إذا اختلف مخرج الحديث لا يعل الموقوف المرفوع، بل ربما يقويه. ووجهه: عندنا رواية مجاهد فيها اختلاف: فقيل: عن مجاهد يذكر عن ابن عباس. وقيل: عن مجاهد من قوله. والراجح من رواية مجاهد أنها من قوله؛ لأنها أقوى إسنادًا. أما رواية عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فهي طريق آخر لم يأت من طريق مجاهد، فيكون الحديث من هذا الطريق محفوظًا. وهذا القول وجيه جدًّا. وأما حديث أبي هريرة فضعيف جدًّا؛ لأن في إسناده راويًا مجهولًا عينًا. وأما مرسل الحسن، فهو ضعيف أيضًا فيه علتان: =