من طريق حرب بن شدّاد كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي عن يعيش عن معدان به.
وهذه أسانيد صحاحٌ، وما وقع من الخلاف في إثبات زيادة (عن أبيه) أو حذفها لا يقدحُ في صحة الإِسناد؛ لأن أبا يعيش الوليد بن هشام ثقة، وقد سمع يعيش وأبوه كلاهما من معدان بن طلحة، فذكر الوليد في الإِسناد من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، والظاهر أن يعيش قد سمعه أولًا من أبيه ثمَّ لقي معدان فحدَّثه به، فنُقل عنه على الوجهين.
ثم وقفت على كلام ابن جماعة في "تخريج أحاديث الرافعي"(١/ ق ١٩٢/ أ) فوجدته موافقًا لما قلت والحمد لله، قال -رحمه الله-: "والذي يظهر صحةُ الحديث لثقة رواته، ولا يضرُّ ما وقع فيه من الاختلاف لاحتمال أن يكون يعيش سمعه من معدان بواسطة ثم سمعه بغير واسطة". أهـ
وهذا خيرٌ من توهيم الرواة كما فعل ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ٢٢٥) حيث قال: "فبرواية هشام وحرب بن شدّاد عُلِم أنّ الصواب ما رواه أبو موسى [محمد بن المثنى]، وأن يعيش سمع من معدان، وليس بينهما أبوه". أهـ.
قلت: كذا قال، مع أن الإِمام أحمد -إمامُ الحفاظ- وخمسةً من الحفاظ -كما تقدّم- أثبتوا هذه الزيادة خلافًا لابن المثنى، فتوهيمه أولى!
وقلّده الحاكم في "المستدرك"(١/ ٤٢٦) فقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه لخلافٍ بين أصحاب عبد الصمد فيه، فقال بعضهم:(عن يعيش بن الوليد عن أبيه عن معدان)، وهذا وهمٌ ممّن قاله، فقد رواه حرب بن شدّاد وهشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير على
الاستقامة". أهـ.
وأما البيهقي فقال في سننه (٤/ ٢٢٠): "هذا حديث مختلف في إسناده. أهـ. وقد بيّنا أن هذا الخلاف لا يضر؛ لأن السند صحيح على الوجهين، والله أعلم.