للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (هُوَ يَتَمَسَّكُ)

بِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدرِي -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (١) وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ يَدْخُلَانِ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، أَوْ لِتَعْرِيفِ الْمَعْهُودِ، وَلَمْ يَسْبِقْ ها هُنَا مَعْهُودٌ حَتَّى يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ، فَكَانَ لِاسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ قَدْ جَعَلَ جَمِيعَ أَجْنَاسِ التَّحَلُّلِ، بِالسَّلَامِ فَمَنْ أَثْبَتَ بِغَيْرِهِ؛ فَقَدْ خَالَفَ النَّصَّ.

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ قَالَ لَهُ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا أَوْ قُلْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ» (٢). فَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَكَمَ بِتَمَامِ الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَخَيَّرَهُ بَيْنَ الْقُعُودِ وَالْقِيَامِ، وَهَذَا يَنْفِي بَقَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.

وَبِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى الظُّهْرَ خَمْساً»، وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ أَعَادَهَا (٣) وَلَوْ كَانَ إِصَابَةُ لَفْظِةِ السَّلَامِ، رُكْناً لَكَانَ لَا تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ؛ إِذَا قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ سَجْدَةً، وَالْمَعْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ هُوَ أَنَّ هَذَا تَرَكَ تَسْلِيماً مَشْرُوعاً فِي الصَّلَاةِ؛ فَتُجْزِيهِ صَلَاتُهُ قِيَاساً عَلَى التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا شُرِعَتْ لِلْخُرُوجِ، كَانَ الْمَقْصُودُ هُوَ فِعْلُ الْخُرُوجِ وَالْخُرُوجُ كَمَا يَحْصُلُ بِالسَّلَامِ؛ يَحْصُلُ بِكَلَامٍ آخَرَ إِلَّا أَنَّ (٤) الْخُرُوجَ بِهِ يُعَبِّرُ لِلْإِكْمَالِ (٥) لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلسُّنَّةِ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ -رحمه الله- فِي التَّحَرُّمِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِلَفْظٍ آخَرَ.


(١) سبق تخريجه (٢٦٧).
(٢) سبق تخريجه (٢٧٣).
(٣) عَنْ عَبْدِ اللَّه بن مَسْعُود، -رضي الله عنه-، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا فَقِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: وَمَا = ذَاكَ؟ قَالَ: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا سَلَّمَ».
أخرجه البخاري في"صحيحه" (١/ ٣٤٠)، أبواب ما جاء في السهو، باب إذا صلى خمسا، حديث (١١٩٦)، وأخرجه مسلم في "صحيحه" (ص ٢٢٨)، كتاب الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، حديث (٥٧٢).
(٤) في (ب): (لأن).
(٥) في (ب): (يعتبر للإملاك).