للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وأمَّا تَعَلُّقُهُ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ قُلْنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الدُّعَاءِ الَّذِي لَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ) (١) وامَّا الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، كَانَ هُوَ مَحْمُولاً عَلَى حَالِ (٢) إِبَاحَةِ الْكَلَامِ فَإِنَّ الْكَلَامَ كَانَ مُبَاحاً فِي الابْتِدَاءِ ثُمَّ حَرَّمَ الْكَلَامَ مِنْ بَعْدِ.

وامَّا قَوْلُهُ: لَوْ عَمَّ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ مُشَابِهاً لِمَا فِي الْقُرْآنِ، وامَّا إِذَا خَصَّ فَقَالَ اغْفِرْ (٣) لِعَمْرُو، أَوْ لِزَيْدٍ؛ فَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْقُرْآنِ؛ فَهُوَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ

ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ.

وَفِي " الْمَبْسُوطِ ": (وَمَنْ يُحْرِمُ لِلصَّلَاةِ فَكَأَنَّهُ (٤) غَابَ عَنِ النَّاسِ لَا يُكَلِّمُهُمُ، وَلَا يُكَلِّمُونَهُ، وَعِنْدَ التَّحَلُّلِ؛ كَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَيُسَلِّمُ، وَالتَّسْلِيمَتَانِ (٥) قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَكِبَارِ الصَّحَابَةِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنهم- وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَهَكَذَا رَوَتْ عَائِشَةُ، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (٦) إِلَّا أَنَّ الْأَخْذَ بِرِوَايَةِ كِبَارِ الصَّحَابَةِ أَوْلَى؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَمَا قَالَ: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُهَى» (٧) وأمَّا عَائِشَةُ كَانَتْ تَقِفُ (٨) فِي صَفِّ النِّسَاءِ؛ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الصِّبْيَانِ؛ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا التَّسْلِيمَةَ (٩) الثَّانِيَةَ عَلَى مَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ أَخْفَضُ مِنَ الْأُولَى») (١٠)؛ وَلِأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ فَيُسَلِّمُ عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْجَانِبَيْنِ فِي حَقِّ السَّلَامِ عَلَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ؛ فَكَانَ فِيمَا قُلْنَا (١١) تَعْمِيمٌ وَفِيمَا قَالُوا تَخْصِيصٌ لِلْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَكَانَ التَّعْمِيمُ أَوْلَى، أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لَا يَخُصُّ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَام.


(١) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٢) (حَالِ) ساقطة من (ب).
(٣) (فَقَالَ اغْفِرْ) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): (وكان).
(٥) في (ب): (والتسليمات).
(٦) فقد قالا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه.
أما حديث أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-فقد أخرجه أبي داود في"سننه" (ص ١٦٢)، كتاب التطوع، أبواب قيام الليل، باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، حديث (١٣٤٦)، وأخرجه الترمذي في "سننه" (١/ ٣٨٤)، أبواب الصلاة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب منه أيضا، (٢٩٦)، وأخرجه بن ماجة في"سننه" (١/ ٢٩٧)، أبواب إقامة الصلوات والسنة فيها، باب من يسلم تسليمة واحدة، حديث (٩١٩).
وأما حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- فقد أخرجه الترمذي في "سننه" (١/ ٣٨٤)، أبواب الصلاة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب منه أيضا، (٢٩٦)، وأخرجه بن ماجة في"سننه" (١/ ٢٩٧)، أبواب إقامة الصلوات والسنة فيها، باب من يسلم تسليمة واحدة، حديث (٩١٨).
وقال الترمذي عن الروايتين: (قال محمد بن إسماعيل-يعني البخاري-: زهير بن محمد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق أشبه) إلي أن قال (واصح الروايات عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تسليمتان.).
(٧) أخرجه مسلم في "صحيحه" (ص ١٨٥)، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها وتقديم أولى الفضل وتقريبهم من الإمام، حديث (٤٣٢).
(٨) (كَانَتْ تَقِفُ) ساقطة من (ب).
(٩) (التَّسْلِيمَةَ) ساقطة من (ب).
(١٠) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٣٠).
(١١) في (ب): (فيه).