للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا رُجُوْعُ الْمُرْتَهِنِ بِالدَّيْنِ وَالضَمَانِ جَمْيِعًا عِنْدَ الْاسْتِحْقَاقِ فَلِأَجْلِ [الْغُرُوْرِ] (١)، فَالرَّاهِنُ هُوَ الْمُنْتَفِعُ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَصِيْرُ [مُوْفِيَاً] (٢) دَيْنَهُ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ، فَيَصِيْرُ الْمُرْتَهِنُ مَغْرُوْرَاً مِنْ جِهَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْمَغْرُوْرُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بِمَا ضَمِنَ، وَبِالْاسْتِحْقَاقِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا فَيَرْجِعُ بِدَيْنِهِ (٣).

وَفِيْ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمُرْتَهِنِ إِنَّمَا لَا يَصِيْرُ الْمُرْتَهِنُ قَابِضَاً بِنَفْسِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُلَاقِيْ الْعَيْنَ، وَقَدْ بَيَّنَا أَنَّ الْعَيْنَ فِيْ حُكْمِ الْأَمَانَةِ، وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ دُوْنَ قَبْضِ الشِّرَاءِ، فَلِذَلِكَ لَا يَنُوْبُ عَنْهُ (٤).

وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَقْبُوْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ غَيْرُ مَضْمُوْنٍ، قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ، بَلْ هُوَ مَضْمُوْنٌ عِنْدَنَا، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا ارْتَهَنَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ عَصِيْرًا فَتَخَمَّرَ فِيْ يَدِهِ كَانَ مَضْمُوْنًا عَلَيْهِ إِذَا هَلَكَ، وَهُوَ رَهْنٌ فَاسِدٌ (٥).

وَأَمَّا الْمَرْهُوْنُ بِأُجْرَةِ النَّائِحَةِ (٦) وَالْمُغَنِّيَةِ فَلَا عَقْدَ هُنَاكَ لَا فَاسِدَاً وَلَا جَائِزَاً؛ لِانْعِدَامِ الدَّيْنِ أَصْلَاً (٧).

وَكَذَلِكَ رَهْنُ الْمُشَاعِ قَدْ قَامَتْ الدَّلَالَةُ لَنَا عَلَى أَنَّ يَدَ الْاسْتِيْفَاءِ الَّتِيْ هِيَ مُوْجَبِ الرَّهْنِ لَا يَثْبُتُ فِيْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ، فَلِهَذَا لَا يَكُوْنُ مَضْمُوْنًا (٨).


(١) في (أ): (الغروب).
(٢) في (أ): (مؤقتاً).
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٦٧).
(٤) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) النَّائِحَة: هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِيْ تَنُوْحُ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا نَدَبَتْهُ، وَذَلِكَ أَنْ تَبْكِيَ عَلَيْهِ بِشِدَّةٍ وَعَوِيْلٍ، وَتُعَدِّدَ مَحَاسِنَهُ، وَتَلْطِمُ وَجْهَهَا. يُنْظَر: الْمُغْرِب في ترتيب الْمُعْرَب (ص ٢٦٤ - ٢٦٥)، القاموس المحيط (١/ ٢٤٦)، معجم لغة الفقهاء (١/ ٤٧١).
(٧) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي (٢١/ ٦٨).
(٨) يُنْظَر: المرجع السابق.