للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا حلف لا يكلم فلانا شهرا، ثم لما تعين الشهر الأول لما يلي العقد، والشهر الثاني معطوف عليه، والمعطوف غير المعطوف عليه عرفنا أن مراده وشهرا بعد هذا الشهر بخمسة، فيتناول الشهر الثاني لا محالة.

وكذلك لو استأجر ثلاثة أشهر شهرين بدرهمين، وشهرا بخمسة، فالأوّلان [بدرهمين] (١) فالقول قول المستأجر، أي لا تجب الأجرة، وإن جاء به أي بالعبد وهو صحيح، فالقول قول المؤاجر، أي يجب الأجر (لأنهما اختلفا في أمر محتمل فترجح بحكم الحال)، وهذا المعنى وهو أن الحال معلوم متفق عليه، فعند الاشتباه يرد المختلف فيه إلى المتفق عليه.

فإن قلت: الحال يصلح للدفع لا للاستحقاق، ثم لو جاء المستأجر بالعبد وهو صحيح، فالقول قول [المؤجر] (٢) حتى يستحق المؤجر مطالبة المستأجر بالأجرة، فالحال حينئذ كانت موجبة للاستحقاق فليست لها هذه الصفة فما وجهه؟

قلت: لم يثبت [للمؤجر] (٣) استحقاق [الأجرة لمجرد] (٤) الحال هاهنا، بل سبب وجوب استحقاق الأجر هنا العقد، وتسليم العبد إليه في المدة، ولكن المستأجر يدعي ما ينافي الوجوب معترضا بعد ظهور السبب الموجب للاستحقاق، والظاهر يكفي شاهد للمؤجر في إنكاره.

وإن اختلفا في قدر الانقطاع فقال المستأجر: عشرة أيام، وقال المؤجر: خمسة، فالقول [للمستأجر] (٥)، والبينة (٦) للمؤجر، أصله الاختلاف في جريان ماء الطاحونة،


(١) في (أ) للدرهمين وفي (ب) بدرهمين ما ذكر في (ب) أولى.
(٢) في (ب) الآجر.
(٣) في (ب) للمؤاجر.
(٤) في (ب) الأجر بمجرد.
(٥) في (ب) قول المستأجر.
(٦) البينة شاهدان أو يمينه.
انظر: البناية شرح الهداية (١/ ٤٦٠).