للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرق بينهما؟ قلت: اللّه تعالى لم يجعل أداء الشهادة حجة إلا بعد العلم بالمشهود به قال اللّه تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)} [الزخرف: ٨٦] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للشاهد: "إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع" (١) فمع الجهل لا حاجة إلى الشهادة بل هو ممنوع عن أدائها، فأما من عليه الحقوق (٢): فمحتاج إلى إظهار ما عليه بإقراره معلومًا كان عنده أو مجهولًا فقد يعلم أصل الوجوب ويجهل قدر الواجب وصفته فلهذا صح لإقراره بالمجهول؛ ولأن الشهادة لا توجب حقًّا إلا بانضمام القضاء إليها والقاضي لا يتمكن من القضاء إلا بالمعلوم، وأما الإقرار فموجب بنفسه قبل اتصال القضاء به فإذا حصل بالمجهول أمكن إزالة الجهالة بالإخبار (على البيان)، فلهذا صح الإقرار، ولهذا لا يعمل الرجوع عن الإقرار ويصح الرجوع عن الشهادة قبل اتصال القضاء بها. كذا في المبسوط (٣).


(١) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٦٣)، كتاب الشهادات: باب التحفظ في الشهادة والعلم بها، ح (٢٠٥٧٩)، والحاكم (٤/ ١١٠)، كتاب الأحكام، ح: (٧٠٤٥) من طريق محمد بن سليمان بن مسمول ثنا عبيد اللّه بن سلمة بن وهرام عند أبي نعيم هرم عن أبيه لم يذكر الحاكم عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس - رضي الله عنه -، ذكر عند رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - الرجل يشهد شهادة … فذكر الحديث.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بأن الحديث واهٍ، فعمرو قال ابن عدي كان يسرق الحديث، وابن مسمول: ضعفه غير واحد".
ونقل العقيلي كما في نصب الراية (٤/ ٨٢) عن البخاري أنه قال: "سمعت الحميدي يتكلم في محمد بن سليمان بن مسمول المسمولي المخزومي". وأعله أيضًا ابن عدي به في الكامل (٦/ ٢٢١٣)، قال الزيلعي: وأسند ابن عدي تضعيفه عن النسائي، وموافقة، وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه إسنادا ولا متنا، انتهى.
وضعفه ابن الملقن في البدر المنير (٩/ ٦١٧)، وابن حجر في التلخيص الحبير (٤/ ٤٧٨)، وفي الدراية (٢/ ١٧٢).
(٢) في (ب): الحق.
(٣) يُنْظَر: المبسوط للسرخسي ١٧/ ١٨٥.