للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذه الرواية لا يحتاج إلى جواب (١).

وعلى ظاهر الرواية قالوا: لم يذكر قوله محتجاً به؛ بل محتجاً بتجويز الصحابة فعله، فإنَّ قضاه وتشهيره كان بمحضر من عمر وعلى -رضي الله عنهما-؛ فإنَّه كان قاضياً في عصرهما، فما يشتهر من قضاياه كالمروي عنهما، [فكان] (٢) هذا في الحقيقة احتجاجاً بقولهما، وأبو حنيفة -رضي الله عنه- يرى تقليد كل من كان من الصحابة. كذا في الجامع الصغير للإمام المحبوبي (٣).

«وحديث عمر -رضي الله عنه- محمول على السياسة، بدلالة التبليغ إلى الأربعين» (٤)؛ أي: لو كان ذلك بطريق التَّعزير لنقص عن الأربعين، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين» (٥).

وكذلك التسخيم، وقد ذكرناه، فتأويله عند شمس الأئمة السرخسي - رحمه الله - أنَّه قال ذلك بطريق السِّياسة إذا رأى الإمام المصلحة فيه.

وتأويله عند شيخ الإسلام - رحمه الله - أنَّه لم يرد به حقيقة التَّسويد، إنما أراد به التَّخجيل [بالتفضيح] (٦) والتَّشهير؛ فإنَّ الخجل يسمى مُسوَداً، قال الله تعالى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا} (٧). وكذلك في المغني (٨).

وقوله: «وفي الجامع الصغير»، إلى قوله: «وفائدته»؛ أي: وفايدة وضع الجامع الصغير بقوله: «شاهدان أقرا أنَّهما شهدا بزور» (٩) بما ذكره من الفائدة، وهو أن شاهد الزُّور إنما يعرف أن شهادته كانت زوراً أو كذباً بإقراره لا غير، ولا يعرف ذلك بالبيِّنة، ولا بتكذيب المدَّعى، ولا بمخالفة الدَّعوى.

وذكر في المغني: قال صاحب الأقضية: وشاهد الزُّور عندنا المقِرُّ على نفسه بذلك، فيقول كذبت فيما شهدت متعمداً، أو يشهد بقتل رجل، أو بموته فيجيء المشهود بقتله أو موته حياً.

وأمَّا فيما إذا اختلف الشَّاهد في الموطن الذي شهد بالفِعل فيه، أو اختلفا في الفعل نفسه، أو في الإقرار والإنشاء.


(١) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٩٨)، المحيط البرهاني (٨/ ١٠).
(٢) في «ج»: [وكان].
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٩٨).
(٤) الهداية (٣/ ١٣١).
(٥) أخرجه: أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣٢٧)، رقم (١٨٠٤٠)، والطبراني في المعجم الكبير (٢١/ ١٥٣)، رقم (١٩٧)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (١٠/ ٧٢)، رقم (٤٥٦٨)
(٦) في «ج»: [والتفضيح].
(٧) سورة النحل: آية ٥٨.
(٨) ينظر: المحيط البرهاني (٨/ ٤٥٧)، رد المحتار (٧/ ٢٣٨).
(٩) الهداية (٣/ ١٣١).