للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال في «المبسوط» (١): وأبو [حنيفة] (٢) ومحمد استدلا بالآية [فإن] (٣) الصعيد هو الأرض، قال رسول الله-عليه السلام-: «يَحْشُرُ الْعُلَمَاءُ في صَعيْدٍ وَاحِدٍ كَأنها سَبِيْكَة فضَّة، فيقُول الله تَعَالى: يا مَعْشَر العُلَمَاء إني لم أضَع عِلْمِي فِيْكم إلا بعِلْمِي بكم، إني لم أضَع حِكْمَتي فيْكم وأنَا أريْد أنْ أُعَذِّبَكُمْ، انْطَلقُوا مغفُورًا لَكُم» (٤). فدل أن الصعيد هو الأرض.

وقال-صلى الله عليه وسلم-: «جُعِلَتُ لي الأرضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا» (٥).

ثم ما سوى التراب من الأرض أسوة للتراب في كونه مكان الصلاة فكذلك في كونه طهورًا وبين أن الله تعالى يسر عليه وعلى أمته وقد تدركه الصلاة في غير موضع التراب كما تدركه في موضع التراب فيجوز التيمم بالكل تيسيرًا (٦).

وَلَهُمَا أَنَّ الصَّعِيدَ اسْمٌ لِوَجْهِ الْأَرْضِ سُمِّيَ بِهِ لِصُعُودِهِ، وَالطَّيِّبُ يَحْتَمِلُ الطَّاهِرَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ لأنَّهُ أَلْيَقُ بِمَوْضِعِ الطَّهَارَةِ أَوْ هُوَ مُرَادُ الإجْمَاعِ (ثُمَّ لا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ غُبَارٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رَحِمَهُ اللَّهُ-) لِإِطْلاقِ مَا تَلَوْنَا

-قوله: (أو هو مراد بالإجماع) (٧) أي: الطاهر مراد بالطيب بالإجماع فيجب أن لا يكون المنبت مرادًا؛ لأن الطيب اسم مشترك بين الطاهر والمنبت، فلما أريد به هنا الطاهر إما بالإجماع أو بسياق الآية بقوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة: ٦] لم يكن المنبت مرادًا؛ لأن المشترك لا عموم له خصوصًا في موضع الإنبات.


(١) في المبسوط (١/ ١٠٨): «يوسف».
(٢) في المبسوط (١/ ١٠٨): «يوسف».
(٣) في (ب): «فقالا».
(٤) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٤/ ٣٠٢) برقم (٤٢٦٤) والروياني في مسنده (١/ ٣٥٣) برقم (٥٤٢) والقرطبي في جامع بيان العلم وفضله (ت ٤٦٣ هـ) (١/ ٢١٥) برقم (٢٣٢) عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يَبْعَث الله العِبَاد يَوم القيَامة ثم يميز العُلمَاء ثم يقول لهم: يا مَعشَر العلماء إني لم أضَع علمِي … » الحديث، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١/ ١٢٦): فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف جداً، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٢٦٣)، وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (١/ ١٦) برقم (٦٢): (موضوع).
(٥) سبق تخريجه في (ص ٣٢٠).
(٦) المبسوط للسرخسي (١٠٨، ١٠٩) باب التيمم.
(٧) أي: الإجماع على أنه إذا لم يجد الماء، أو التضرر بإستعماله، فإنه يتيمم بالصعيد الطيب. انظر: الأوسط في السنن والإجماع والإختلاف (٢/ ٥٨)، اختلاف الأئمة العلماء (١/ ٦١).