للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: الوكيل في باب الطلاق سفير (١) كالوكيل في باب النكاح، بدليل أن الحالف حانث بفعل كل واحد منهما، فكان الموجود من الوكيل موجوداً من الموكل، فكان الصادر عن كل واحد منهما صادراً عن أصالة، بخلاف الوكيل بالبيع.

(وجه الثاني: أن الفسخ أقوى؛ لأن المجاز يلحق الفسخ، والمفسوخ لا تلحقه الإجازة (٢)

فإن قيل: لا نسلم بأن المفسوخ لا تلحقه الإجازة، بل المفسوخ تلحقه الإجازة، ألا ترى أن الخيار إذا كان للبائع أو للمشتري فالتقيا فتناقضا البيع ثم هلك عند المشتري، أي: قبل أن يقبضه البائع بحكم الإقالة، فعلى المشتري الثمن، إن كان الخيار له، والقيمة إن كان الخيار للبائع؛ لأن تمام الفسخ بالتسليم إلى البائع.

ثم قال في المبسوط (٣): "وهذا؛ لأن الفسخ بحكم الخيار محتمل للفسخ في نفسه حتى لو تقاسما ثم تراضيا على فسخ الفسخ وعلى إجازة (٤) العقد بينهما جاز"، وفسخ الفسخ ليس إلا هو إجازة البيع في المفسوخ.

قلنا: هذا لا يلزم؛ لأنا قلنا: الإجازة لا ترد على المنتقض، ولا إجارة فيما ذكرتم، كذا في الفوائد الظهيرية (٥).

وذكر الإمام قاضي خان - رحمه الله (٦) -: والصحيح ما ذكر المأذون (٧)؛ لأن النقض أقوى من الإجازة، فإن النقض يرد على الإجازة، والإجازة لا ترد على النقض، والأدنى لا يعارض الأقوى، كنكاح الحرة مع الأمة (٨) [إذا اجتمعا يصح نكاح الحرة؛ لأن نكاح الحرة يرد على نكاح الأمة] (٩) ونكاح الأمة لا يرد على نكاح الحرة.

(وأبو يوسف - رحمه الله - يعتبرهما)

أي: يعتبر تصرف الموكل وتصرف (١٠) الوكيل، ويجعل العبد مشتركاً بالنصف بين المشترين، [ويجيز كل واحد من المشترين] (١١)، إن شاء أخذ النصف بنصف الثمن، وإن شاء نقض (١٢) البيع.


(١) "معير" في (ب).
(٢) قاعدة أصولية فقهية وهي (المفسوخ) وهذه الجملة (المفسوخ لا تلحقة إجازة) من ألفاظها، واالمفسوخ: هو العقد الذي أبطله العاقدان بعد تمامه، إذ يدخله الفسخ بسبب من الأسباب. موسوعة القواعد الفقهية (١٠/ ٧٩٣).
(٣) المبسوط للسرخسي (١٣/ ٤٩).
(٤) "إعادة" في (ب).
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ١٨٨).
(٦) ينظر: البحر الرائق (٦/ ٢٢).
(٧) كتاب المأذون ويسمى "المأذون الكبير" وله "المأذون الصغير" لمحمد بن الحسن الشيباني. قلت: ولم أعثر على خبره، هل هو مطبوع أم لا زال مخطوطاً؟، فالله اعلم. المحيط في اللغة (٩/ ٣٥٩)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ٢٣٩).
(٨) "الأمة" في (ب) وفي (أ) "الإمام". والأصح ما في (ب) لمناسبة المعنى.
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(١٠) سقط من (ب).
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(١٢) "يقبض" في (ج).