للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: جاء الشك هناك من الأصل [بتعارض] (١) الدليل الذي هو موجب مع الدليل الذي هو غير موجب لتساويهما في القوة، فتساقطا فعملنا بالأصل الذي كان ثابتًا لنا (٢) بيقين وهو الطهارة كما قلنا في خبري نجاسة الماء وطهارته، وأما هنا جاء دليل عدم الوجوب من الوصف وهو الدفق، ودليل الوجوب من الأصل، وهو نفس وجود الماء مع الشهوة فكان في إيجاب الاغتسال ترجيح لجانب الأصل على جانب الوصف وهو صحيح، ولأن دليل الوجوب قد سبق هناك (٣) وهو مزايلة المني عن مكانه على سبيل الشهوة وخروجه من العضو لا على سبيل الدفق بقاء ذلك والسبق من أسباب الترجيح فيرجح جانب الوجوب لذلك، وأما هناك فاقترن الدليلان على سبيل المدافعة فلا يثبت الحكم الحادث لتدافعها بل يبقى ما كان على ما كان.

(وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ) لِقَوْلِهِ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَتَوَارَتْ الْحَشَفَةُ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ» وَلأنَّهُ سَبَبُ الإنْزَالِ وَنَفْسُهُ يَتَغَيَّبُ عَنْ بَصَرِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ لِقِلَّتِهِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ

-قوله: (والتقاء الختانين) أي مع تواري الحشفة، فإن نفس ملاقاة الفرج الفرج من غير التواري لا يوجب الغسل، لكن يوجب الوضوء عندهما خلافًا لمحمد (٤): فكان ذكر غيبوبة الحشفة في الحديث (٥) / ٨/ ب/ بقوله: إذا التقى الختانان وغابت الحشفة لإزالة ذلك الوهم، وهو وهم نفس ملاقاة الختانين من غير توارٍ بطريق إطلاق اسم الشيء على ما يقرب من ذلك الشيء.

والختان (٦) موضع القطع من الذكر والأنثى، وذكر الختانين بناءً على عادتهم أنهم يختنون النساء.


(١) في (ب): «فيعارض».
(٢) في (أ): «لها» والتصويب من (ب).
(٣) في (أ): «هنا» والتصويب من (ب).
(٤) انظر: المحيط البرهاني (١/ ٨٢).
(٥) سيأتي تخريجه بعد قليل.
(٦) قال في البناية: «ثم ختان الرجل موضع القطع وما دون دورة الحشفة، وختان المرأة موضع قطع جلدة منها كعُرف الديك في فم الرجل؛ وذلك لأنه مدخل الذكر ومخرج الولد والمني والحيض، وفوق مدخل الذكر مخرج البول وبينهما جلدة رقيقة، وفوق مخرج البول جلدة رقيقة تُقْطع منها في الختان، وهو ختان المرأة. فإذا غابت الحشفة في الفرج فقد حاذى ختانه ختانها، والمحاذاة هي التقاء الختانين فإنه إذا تحاذيا التقيا ولهذا يقال التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتصادفا والتصقا» البناية (١/ ٢٧٣)، وانظر: المصباح المنير (١/ ٢٥٣) لفظة (ختن).