للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الثّاني: فإنّ الجمع بين النفي والإثبات إنّما يمتنع إذا كان بنسبته شيء واحد، فأمّا بالنسبة إلى شيئين فلا.

وههنا الشهادة قامت لإثبات الزنا واليمين لنفي التهمة فلا امتناع.

وأمّا الثالث: فإن تكرر الشهادة [هنا] (١) لقيام الشهادات مقام أربعة شهود، فإن الواجب عليه إقامة أربع شهادات من شهود أربعة، وقد عجز عن إقامة شهود أربعة، ولم يعجز عن إقامة شهود أربعة ولم يعجز عن إقامة أربع شهادات، فما عجز عنه سقط وما قدر عليه لزمه كذا في «الفوائد الظهيرية» (٢).

ثم قرن الركن في جانبه باللعن، إلى أن قال: وفي جانبها بالغضب، إنّما خصّ الغضب في جانبها في المرة الخامسة؛ لأنهنّ يستعملن اللعن كثيراً على ما ورد به الحديث: «إنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير» (٣)، فسقطت حرمة اللعن عن أعينهنّ، فعساهنّ يجبرن على الأقدام لكثرة جرى اللعن على ألسنتهن وسقوط وقعه عن قلوبهنّ، وأقام الغضب مقام اللعن في حقّهن ليكون رادعًا لهنّ عن الإقدام.

قوله -رحمه الله-: "كَمَا إذَا نَفَى" يتصل بقوله: "صَارَ قَاذِفًا لَهَا"، أي: كما يجعل نفي النّسب عن أبيه المعروف قذفاً من الأجنبي، فكذلك يجعل نفي الزوج النّسب عن نفسه هما ولدته امرأته قذفاً مرأة من الزّوج.

"وَلَا يُعْتَبَرُ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِ بِالْوَطْءِ مِنْ شُبْهَةٍ"، أي: لا يعتبر تأويل قوله ذلك على أنّه إنما نفى نسب ذلك المولود عن نفسه باعتبار أنّه موجود عن الوطء بشبهة حتّى لا يكون قذفاً، أي لا يعتبر هذا التأويل في أن لا يكون هذا النفي قذفاً بل نفيه هذا قذف ولا يعتبر هذا التأويل.

ثم ابتدأ ببيان دليل أن لا يعتبر ذلك التأويل بل هو قذف بقوله: "وَهَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّسَبِ الْفِرَاشُ الصَّحِيحُ" إلى آخره، وذكر هذا التعليل في «المبسوط» على وجه السؤال والجواب، فقال: إذا نفاه قبل الإقرار لاعنها؛ لأنّه بعدما تثبت ولادتها يكون هو بنفي الولد قاذفاً لها بالزنا.

فإن قيل، لا كذلك، فقد يكون ولدها من وَطْءٍ بشبهة، [قلنا: الولد من الوطء بشبهة] (٤) يكون ثابت النسب من إنسان، والذي لا يكون ثابت النسب من أحد يكون من زنا، ولا نسب لهذا الولد إلا منه، فإذا نفاه فقد زعم أنّه لا نسب لولدها هذا، فيكون قاذفاً لها بالزنا (٥).


(١) سقطت من (أ).
(٢) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ١٤).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم (٣٠٤)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات (٧٩).
(٤) سقطت من (أ).
(٥) المبسوط للسرخسي (٧/ ٥٨).