للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثوابُ جميعِ القُرَبِ بدَنيِّها وماليِّها والجامع للأمرين واحتجُّوا بأن النبي قال لمن سأله يا رسولَ الله هل بقيَ من بِرِّ أبويَّ شيءٌ أبَرُّهما به بعد مماتِهما؟ قال نعم فذكر الحديث وقد قال : «من ماتَ وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه» (١).

فإن لم تفِ هذه بالتمحيصِ مُحِّصَ بين يدي ربِّه في الموقفِ بأربعةِ أشياءٍ أهوالِ القيامةِ وشدةِ الموقفِ وشفاعةِ الشفعاءِ وعفوِ اللهِ ﷿.

فإن لم تفِ هذه الأربعة بتمحيصِه فلا بدَّ له من دخولِ الكِيرِ رحمةً في حقِّه ليتخلَّصَ ويتمحَّصَ ويتطهَّرَ في النارِ فتكون النار طُهْرةً له وتمحيصاً لخَبَثِه ويكون مُكثُه فيها على حسبِ كثرةِ الخبَثِ وقلَّتِه وشدَّتِه وضعفِه وتراكمِه، فإذا خرجَ خبَثُه وصُفِّيَ ذهبُه وصارَ خالصاً طيباً أُخرجَ من النارِ وأُدخلَ الجنة) انتهى (٢).

وانظر إلى حال تلك الفئة الخاصة فئة المقربين فإنهم إذا قاموا من قبورهم كما أسلفنا يركبون نُوقاً بيضاءَ من نُوقِ الجنةِ عليها رِحالُ الذهبِ خَطْوُها مدُّ بصرِها، لا يركبونَها وهم عُراةٌ، فانظر إلى الكرامةِ والمنزلةِ العاليةِ، يُكسَوْن وغيرُهم عُراةٌ، يُحملون وغيرُهم حُفاة، يتلقوْن البُشرياتِ من الملائكةِ. وأولُ من يُكسَى منهم خليل


(١) رواه مسلم، باب قضاء الصيام عن الميت، ج ٢ ورقمه ١١٤٧.
(٢) مدارج السالكين لابن القيم ج ١ ص ١٤١.

<<  <   >  >>