للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ماذا بعد الحوض؟]

ها هم الذين شرِبوا من الحوضِ يقفون في طمأنينةٍ وارتواءٍ .. ومن لم يشربْ فهو لا يزال في خوف ووجل، وفي عطشٍ ولَهَثٍ فقد كان يلهَثُ في طلبِ دنياه وهو يلهثُ في آخرتِه ﴿كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث﴾ [الأعراف: ١٧٦]. والشمسُ تدنو من الرؤوسِ قدرَ مِيلٍ يُطفَأُ نورُها ويُضاعَف حرُّها عشرَ سنين (١). فتَلفحُه حرارتها، ويصيبه لهيبُها.

إنه لايزال على تلك الحال يحملُ أوزارَه وأوزارَ مَنْ أضلَّهم على ظهرِه فيتصبَّب عرَقاً، ويزفرُ فَرَقاً. ويبلغ العرقُ يومئذٍ على قدرِ الذنوب، كما ثبت في الصحيح؛ فمنهم مَنْ يبلغُ العرَقُ منه إلى كعبيْه ومنهم من يبلغُ عرَقُه إلى ركبتيْه ومنهم إلى حِقويه ومنهم مَنْ يُلجِمِه العرقُ إلجاماً حتى يقولَ غِقْ غِقْ .. ويؤتَى بجهنمَ لها سبعون ألف زمام، يجرُّها من كل زمامٍ سبعون ألفَ ملَكٍ (٢) .. سوداءُ مظلمةٌ فقد أُوقِدَ عليها ألفَ سنةٍ حتى احمرَّتْ ثم أُوقد عليها ألفَ سنةٍ حتى ابيضَّتْ ثم أُوقد عليها ألفَ سنةٍ حتى اسودَّتْ فهي سوداءُ مُظلمةٌ.


(١) انظر كتاب السنة للحافظ الشيباني، حديث رقم (٨١٣)، ذكر الألباني أنه صحيح على شرط الشيخين.
(٢) انظر الحديث الصحيح في صحيح الجامع وطرفه «يؤتى بجهنم … ».

<<  <   >  >>