للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال بعض العلماء: وقد يشبه أن يكون هذا من بلال على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عند إقامته، قبل أن يدخل في الصلاة؛ لأن الحديث جاء عن بلال أنَّه لم يؤذن لأحد بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا يومًا واحدًا؛ إذ أتى مرجعه من الشام، ولم يكن للنَّاس عهد بأذانه حينًا، فطلب إليه أبو بكر وأصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأذن، فلمَّا سمع أهل المدينة صوت بلال ذكروا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بعد طول عهدهم بأذان بلال وصوته: جدد ذلك في قلوبهم أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشوقهم أذانه إليه، حتى قال بعضهم: بعث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، شوقًا منهم إلى رؤيته، ولما هيجهم بلال عليه بأذانه وصوته، فرقوا عند ذلك وبكوا واشتد بكاؤهم عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتَّى خرج العواتق من بيوتهن شوقًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حين سمعن صوت بلال وأذانه، وذِكْر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولما قال بلال: (أشهد أن محمدًا رسول اللَّه). امتنع بلال من الأذان فلم يقدر عليه، وقال بعضهم: سقط مغشيًّا عليه (١)؛ حبًّا للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وشوقًا إليه، فرحم اللَّه بلالًا والمهاجرين والأنصار، وجعلنا وإياكم من التابعين لهم بإحسان.

فاتقوا اللَّه معشر المسلمين، وأحكموا صلاتكم، والزموا فيها سنة

نبيكم وأصحابه وعليهم أجمعين، فإن ذلك هو الواجب عليكم

واللازم لكم، وقد وعد اللَّه تعالى من اتبعهم، رضوانه والخلود في

جنته، قال اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ


(١) رواها ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧/ ١٣٧ وذكرها ابن الأثير في "أسد الغابة" ١/ ٢٤٤، ٢٤٥ وقال الحافظ في "لسان الميزان" ١/ ١٥٧ - ١٥٨: وهي قصة بيَّنة الوضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>