قلت: لم أقف على هذا الاختلاف في الحديث من مخرج واحد، فليتأمل. وهذا الإسناد مداره على عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. واختلف في عبد الكريم. فورد في أكثر الروايات غير منسوب. وورد في سنن أبي داود (٤٢١٢) من طريق توبة وعند البيهقي في شعب الإيمان (٥/ ٢١٥) رقم ٦٤١٤ من طريق هلال بن العلاء الرقي، عن أبيه وعبد الله بن جعفر، ثلاثتهم عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري مصرحًا بأنه الجزري. ورأى ابن الجوزي أنه ابن أبي المخارق، فذكره في الموضوعات، قال (١٤٥٥): «هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية البصري». اهـ فتعقبه الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص: ٤٨) فقال: «أخطأ ابن الجوزي فإن عبد الكريم الذي هو في الإسناد هو ابن مالك الجزري، الثقة المخرج له في الصحيح، ثم ذكر من خرج الحديث». اهـ وقال ابن عراق في التنزيه (٢/ ٢٧٥): «وسبق الحافظَ ابن حجر إلى تخطئة ابن الجوزي في هذا الحديث الحافظُ العلائي». والحق مع الحافظ للأسباب التالية. أولًا: أنه ذكر منسوبًا عند أبي داود، وسنده صحيح، وعند البيهقي في شعب الإيمان، وسنده حسن. ثانيًا: أن عبيد الله بن عمرو الرقي لا يروي عن ابن أبي المخارق فلم يذكر المزي في تهذيب الكمال أنه من تلاميذه، بينما معروف أن عبيد الله الرقي يروي عن الجزري، وهذه قرينة في أن عبد الكريم هو الجزري، بل ذكر الحديث في تحفة الأشراف (٤/ ٤٢٤) من مسند عبد الكريم الجزري، عن سعيد، عن ابن عباس. وعبيد الله بن عمرو راوية الجزري، لكن تفرد الجزري عن سعيد بن جبير بهذا الحديث، ولم يروه غيره من أصحاب سعيد بن جبير كأيوب والمنهال بن عمرو وغيرهما. وقد قال ابن حبان: كان صدوقًا، ولكنه كان ينفرد عن الثقات بالأشياء المناكير، فلا يعجبني الاحتجاج بما انفرد من الأخبار، وإن اعتبر معتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير، وهو ممن أستخير الله فيه». المجروحين (٢/ ١٤٦). =