آلاف فارس، فأرادت العرب الفرار، فقال لهم مؤنس: ما هذا يوم فرار. قالوا: فأين نطعن هؤلاء وقد لبسوا الكزاغندات والمغافر؟ قال: في أعينهم. فسمي: أبا العينين. فالتحم الحرب، فانكسر جيش المعز، واستحر القتل بجنده، ورد إلى القيروان مهزوما، وأخذت العرب الخيل والخيام بما حوت، وفي ذلك يقول بعضهم:
وإن ابن باديس لأفضل مالك ولكن لعمري ما لديه رجال ثلاثون ألفا منهم غلبتهم ثلاثة آلاف إن ذا لمحال ثم جمع المعز سبعة وعشرين ألف فارس، وسار يوم عيد النحر، وهجم على العرب بغتة، فانكسر أيضا، وقتل من جنده عالم عظيم، وكانت العرب يومئذ سبعة آلاف، وثبت المعز ثباتا لم يسمع بمثله. ثم ساق على حمية، وحاصرت العربُ القيروان، وانجفل الناس في المهدية لعجزهم، وشرعت العرب في هدم الحصون والقصور، وقطع الأشجار، وإفساد المياه، وعم البلاء، وانتقل المعز إلى المهدية، فتلقاه ابنه تميم واليها.
وفي سنة تسع وأربعين نهبت العرب القيروان.
وفي سنة خمسين خرج بلكين ومعه العرب لحرب زناتة، فقاتلهم، فانهزمت زناتة وقتل منهم خلق.
وفي سنة ثلاث وخمسين قتل أهل نقيوس من العرب مائتين وخمسين رجلا، وسبب ذلك أن العرب دخلت المدينة تتسوق فقتل رجل من العرب رجلا محتشما مقدما لكونه سمعه يثني على ابن باديس، فغضب له أهل البلد، وقتلوا في العرب وهم على غفلة.
وقال المختار بن بطلان: نقص النيل في هذه السنة وتزايد الغلاء، وتبعه وباء شديد، وعظم الوباء في سنة سبع وأربعين. ثم ذكر أن السلطان كفن من ماله ثمانين ألف نفس، وأنه هلك ثمانمائة قائد، وحصل للسلطان من المواريث مال جليل.
وفيها عاثت الأعراب وأخربوا أكثر سواد العراق، ونهبوا، وذلك لاضطراب الأمور وانحلال الدولة.