فركب أبو قتادة فرسه، وسار قبل أبي بكر. فلما قدم عليه قال: تعلم أنه كان لمالك بن نويرة عهد، وأنه ادعى إسلاما، وإني نهيت خالدا فترك قولي وأخذ بشهادات الأعراب الذين يريدون الغنائم! فقام عمر، فقال: يا أبا بكر، إن في سيف خالد رهقا، وإن هذا لم يكن حقا، فإن حقا عليك أن تقيده! فسكت أبو بكر.
ومضى خالد قبل اليمامة، وقدم متمم بن نويرة، فأنشد أبا بكر مندبة ندب بها أخاه، وناشده في دم أخيه وفي سبيهم - فرد إليه أبو بكر السبي، وقال لعمر وهو يناشد في القود: ليس على خالد ما تقول، هبه تأول فأخطأ.
قلت: ومن المندبة: وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا وقال الثوري عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: لما قدم وفد بزاخة أسد وغطفان على أبي بكر يسألونه الصلح خيرهم أبو بكر بين حرب مجلية أو خطة مخزية، فقالوا: يا خليفة رسول الله، أما الحرب فقد عرفناها، فما الخطة المخزية؟ قال: يؤخذ منكم الحلقة والكراع، وتتركون أقواما تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة نبيه والمؤمنين أمرا يعذرونكم به، وتؤدون ما أصبتم منا ولا نؤدي ما أصبنا منكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وأن قتلاكم في النار، وتدون قتلانا ولا ندي قتلاكم!
فقال عمر: أما قولك: تدون قتلانا -فإن قتلانا قتلوا على أمر الله، لا ديات لهم. فاتبع عمر، وقال عمر في الباقي: نعم ما رأيت.