للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيِّنٌ، ويشبهه قول عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: عَرَضني رسولُ الله يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني فلما كان يوم الخندق عرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة فأجازني، فيحمل قوله على أنه كان قد شرع في أربع عشرة سنة وأنه يوم الخندق كان قد استكمل خمس عشرة سنة وزاد عليها فلم يَعُد تلك الزيادة، والعرب تفعل هذا في عددها وتواريخها وأعمارها كثيرًا فتارة يعتدّون بالكسر ويعدونه سنة وتارة يسقطونه" (١). ومن ذلك أيضًا قوله في نسب المؤرخ ابن الأثير: "كان يكتب بخطه: علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري (٢)، وكذا ذكره الحافظ المنذري والقوصي في معجمه وابن الظاهري في تخريجه للصاحب مجد الدين العقيلي وأبو الفتح ابن الحاجب في معجمه وغيرهم، وهو على سبيل الاختصار، وله أشباه ونظائر، وإنما هو: علي بن محمد بن محمد، بلا ريب كما هو في تسمية أخويه وابن أخيه شرف الدين، وكذا ذكره القاضي ابن خلكان وأبو المظفر بن الجوزي وابن الساعي وغيرهم، ويوضحه أن المنذري ذكر أخويه فقال: محمد بن محمد، مرتين" (٣).

[٧ - انتقاء النسخ الموثقة والمقابلة بين المخطوطات]

كان الذهبي يعنى بانتقاء أصحِّ نسخ الموارد التي يعتمدها وينقل منها، فكان يحاول دائمًا أن يأخذ من المصدر المكتوب بخط مؤلفه، أو أن يكون توقيعه عليه للتدليل على صحة النسخة، أو يكون بخط عالم متقن ثقة. وكانت غايته من ذلك التأكد من صحة المادة التاريخية والإشارة إلى دقتها، وتطمين القارئ إلى أنه لم يقع أيُّ تصحيفٍ أو تحريف على النص المنقول عنه مما قد يحدث على أيدي النساخ، فكان لذلك دائم الإشارة إلى كاتب النسخة التي ينقل منها سواء أكان الكتاب من تأليفِ كاتبهِ أم من تأليفِ غيره نحو قوله: "قرأت بخط الكندي في تذكرته" (٤)، و"نقلت هذا وما قبله من خط أمين الدين


(١) ١/ ١٩٦.
(٢) وجدت أنا ذلك في طبقة سماع بخطه بنسخة من كتاب "المؤتلف والمختلف" لعبد الغني بن سعيد المصري محفوظة في مكتبة كوبرلي بإستانبول رقم ١٥٧٨.
(٣) تاريخ الإسلام ١٣/ ٩٢٧ من طبعتنا هذه.
(٤) الورقة ١٥٠ (أيا صوفيا ٣٠١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>