للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معتجرا بعمامة من إستبرق، فقال: يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام رسول الله يجر ثوبه مبادرا إلى سعد بن معاذ فوجده قد قبض.

وقال البكائي، عن ابن إسحاق (١): حدثني من لا أتهم، عن الحسن البصري قال: كان سعد رجلا بادنا، فلما حمله الناس وجدوا له خفة. فقال رجال من المنافقين: والله إن كان لبادنا وما حملنا من جنازة أخف منه. فبلغ ذلك رسول الله فقال: إن له حملة غيركم، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش.

وقال يونس، عن ابن إسحاق (٢): حدثني أمية بن عبد الله أنه سأل بعض أهل سعد: ما بلغكم من قول رسول الله في هذا؟ فقالوا: ذكر لنا أن رسول الله سئل عن ذلك فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول (٣).

وقال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جده، عن عائشة، قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، فسمعت وئيد الأرض - تعني حس الأرض - ورائي، فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنه. فجلست، فمر سعد وهو يقول:

لبث قليلا يدرك الهيجا حمل … ما أحسن الموت إذا حان الأجل

قالت: وعليه درع قد خرجت منها أطرافه، فتخوفت على أطرافه، وكان من أطول الناس وأعظمهم. قالت: فاقتحمت حديقة، فإذا فيها نفر فيهم عمر، وفيهم رجل عليه مغفر. فقال لي عمر: ما جاء بك؟ والله إنك لجريئة، وما يؤمنك أن يكون تحوزا وبلاء. فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض انشقت ساعتئذ فدخلت فيها. قالت: فرفع الرجل المغفر عن وجهه، فإذا طلحة بن عبيد الله، فقال: ويحك، قد أكثرت وأين التحوز


(١) ابن هشام ٢/ ٢٥١.
(٢) ابن هشام ١/ ٤٣٠، ودلائل النبوة ٤/ ٣٠.
(٣) كتب على هامش الأصل: "من هنا إلى آخر الترجمة أخذ من الطبقات لابن سعد".