حصير سكران، وعلى رأسه غلام يروحه. فلما رآني الغلام نبهه، فقام ولبني، وقال: تحسن تقول مثلي؟ ثم أنشدني:
أما ترى راهب الأسحار قد هتفا وحث تغريده لما علا الشعفا أوفى يصيغ إلى فانوس مغرقة كغرة التاج لما عولي الشرفا مشنف بعقيق فوق مذبحه هل كنت في غير أذن تعهد الشنفا لما أراحت رعاة الليل عارية من الكواكب كادت ترتقي السدفا هز اللواء على ما كان من سنة فارتج لما علاه اهتز ثم هفا ثم استمر كما كان غنى على طرب مزيج شرب على تغريده وصفا وقام مختلفا كالبدر مطلعا والريم ملتفتا والغصن منعطفا رقت غلالة خديه فلو رميا باللحظ أو بالمنى هما بأن يكفا كأن قافا أديرت فوق وجنته واختط كاتبها من فوقها ألفا فاستل راحا كبيض واقعت جحفا حلا لنا أو كنار صادفت سعفا فلم أزل من ثلاث واثنتين ومن خمس وست وما استعلى وما لطفا حتى توهمت نوشروان لي خولا وخلت أن نديمي عاشر الخلفا قال: فلم أزل به حتى نومته وخرجت، فقيل لي: إنما قلنا لك: تنهه، قلت: دعه ينام، فإني إن أنبهته تجرمنا عشرة آلاف كبيرة.
وقيل: إن ديك الجن كان له غلام وجارية مليحان، وكان يهواهما. فدخل يوما فرآهما في لحاف معتنقين، فشد عليهما فقتلهما، ثم سقط في يده، وجلس عند رأس الجارية يبكي ويقول:
يا طلعة طلع الحِمام عليها وجنى لها ثمر الردى بيديها رويت من دمها الثرى ولطالما روى الهوى شفتي من شفتيها فوحق عينها ما وطئ الثرى شيء أعز علي من عينيها ما كان قتليها لأني لم أكن أبكي إذا سقط الغبار عليها