للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما محمد؟ قالوا: صنبور (١) قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار. قالوا: لا، بل أنتم خير منه وأهدى سبيلا. فأنزل الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت الآية.

قال سفيان: كانت غفار سرقة في الجاهلية (٢).

وقال إبراهيم بن جعفر بن محمود بن مسلمة، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: ولحق كعب بن الأشرف بمكة إلى أن قدم المدينة معلنا بمعاداة النبي وهجائه، فكان أول ما خرج منه قوله:

أذاهب أنت لم تحلل بمنقبة … وتارك أنت أم الفضل بالحرم!

صفراء رادعة لو تعصر انعصرت … من ذي البوارير والحناء والكتم

إحدى بني عامر هام الفؤاد بها … ولو تشاء شفت كعبا من السقم

(٣) لم أر شمسا قبلها طلعت … حتى تبدت لنا في ليلة الظلم

وقال: طحنت رحى بدر لمهلك أهلها الأبيات.

فقال النبي يوما: من لكعب بن الأشرف؟ فقد آذانا بالشعر وقوى المشركين علينا. فقال محمد بن مسلمة: أنا يا رسول الله. قال: فأنت. فقام فمشى ثم رجع فقال: إني قائل فقال: قل، فأنت في حل: فخرج محمد، بعد يوم أو يومين، حتى أتى كعبا وهو في حائط فقال: يا كعب، جئت لحاجة؛ الحديث (٤).

وقال ابن عيينة: قال عمرو بن دينار: سمعت جابرا يقول: قال رسول الله : من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، أعجب إليك أن أقتله؟ قال: نعم. قال: فأذن لي أن أقول شيئا. قال: قل. فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وقد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك. قال: وأيضا لتملنه. قال: إنا قد اتبعناه فنكره أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد


(١) على هامش الأصل: "الصنبور: الفرد الذي لا ولد له ولا أخ".
(٢) دلائل النبوة ٣/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٣) على هامش الأصل كتب: "لعلَّه: أقسمتُ"، وكتب البشتكي: "بَيَّضَ له المصنف".
(٤) دلائل النبوة ٣/ ١٩٤ - ١٩٥.