وفي شوال قدم السلطان دمشق ودخل حلب في أول ذي القعدة. وسار ابن مجلي بعسكر حلب فنزل على الفرات وسار السلطان بالجيوش فقطع الدربند الرومي ووقع سنقر الأشقر بثلاثة آلاف من التتار، فالتقاهم فكسرهم وأسر منهم وصعد العسكر الجبال وأشرفوا على صحراء البلستين، فشاهدوا التتار، قد رتبوا عسكرهم أحد عشر طلبا، الطلب ألف ومقدم الكل النوين تتاون وعزلوا عنهم عسكر الروم خوفا من مخامرتهم، فلما التقى الجمعان حملت ميسرة التتار فصدمت سناجق السلطان ودخلت طائفة منهم وحملوا على الميمنة، فلما رأى ذلك السلطان ردفهم بنفسه وخاصكيته، ثم رأى ميسرته قد اضطربت، فردفها بطائفة، ثم حمل بالجيش حملة واحدة على التتار، فترجلوا وقاتلوا أشد قتال وقتل منهم مقتلة عظيمة وانهزم الباقون في الجبال والوعر، فأحاطت بهم العساكر المنصورة، فقاتلوا حتى قتل أكثرهم وقتل من المسلمين جماعة، منهم الأمراء: ضياء الدين ابن الخطير وشرف الدين قيران العلاني وعز الدين أخو المحمدي وسيف الدين قلنجق الششنكير وعز الدين أيبك الشقيفي وأسر خلق من التتار، فمنهم على ما ذكر المؤيد: سيف الدين سلار وسيف الدين قبجق، وسنذكر من أخبارهما ونجا البرواناه وساق إلى قيصرية وذلك في ذي القعدة. واجتمع بصاحب الروم غياث الدين وأعيان الدولة وأخبرهم بكسرة التتار، فاجتمع رأيهم على الانتقال إلى دوقات خوفا من مرور التتار بهم وأذيتهم.
وأما السلطان فبعث سنقر الأشقر إلى قيصرية بأمان أهلها وإخراج السوقية، ثم رحل السلطان، عز نصره، إلى قيصرية، فمر بقلاع ونزل ولاتها إلى خدمته ودخلوا في الطاعة وقدم قيصرية وطلع الأعيان والأمراء والكبار والفضلاء على طبقاتهم وتلقوه وفرح به المسلمون وكان يوما مشهودا. وركب يوم الجمعة للصلاة، فدخل إلى مدينة قيصرية ونزل بدار السلطنة وجلس على سرير المملكة وجلس بين يديه القضاة والعلماء على