للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلاد الشرق، ومصر للعادل. وكان مع ابن الجوزي ولده شرف الدين شاب ذكي فاضل، فتردد في هذا المعنى بين الأخوين حتى تقارب ما بين الأخوين لولا حدث العم إسماعيل، فإنه بقي يكاتب العادل ويقوي عزمه ويقول: أنا آخذ دمشق ثانياً لك. ثم حشد وجمع، وأعانه صاحب حمص. ثم طلب ولده من الصالح، زعم ليستخلفه ببعلبك وتقدم هو، فنفذه إليه، ونفذ ولده الملك المغيث ليحفظ قلعة دمشق، ولم يكن معه عسكر.

وأما صاحب حماة فأشفق على الصالح وتحيل في إرسال عسكر ليحفظ له دمشق، فأظهر أنه متألم خائف، وأنه يريد أن يسلم حماة إلى الفرنج، وأن نائبه سيف الدين ابن أبي علي قد عرف بهذا منه، وأنه سيفارقه فأظهر الخلاف عليه، فخرج من حماة، وتبعه أكثر العسكر، وطائفة كبيرة من أعيان الحمويين خوفاً من الفرنج. ورام المظفر أن يتم هذه الحيلة فما تمت. فسار الأمير سيف الدين بالناس، وقوى المظفر الوهم بأن استخدم جماعةً من الفرنج وأنزلهم القلعة، فقوي خوف الرعية. وتبع سيف الدين خلق، فسار وراءه المظفر يظهر أنه يسترضيه فما رجع، فنزلوا على بحيرة حمص، فركب صاحب حمص وأتاهم واجتمع بسيف الدين مطمئناً. ولو حاربه سيف الدين بجمعه لما قدر عليه صاحب حمص، ولكان وصل إلى دمشق وضبطها ولعز على الصالح إسماعيل أن يأخذها. فسأل سيف الدين عن مقدمه فقال: هذا الرجل قد مال إلى الفرنج واعتضد بهم، فطلبنا النجاة بأنفسنا. فوانسه الملك المجاهد، وطلب منه دخول حمص ليضيفه، فأجابه سيف الدين وصعد معه إلى القلعة. وأظهر له الإكرام، ثم بعث إلى أصحابه فدخل أكثرهم حمص، ومن لم يجب هرب. ثم قبض المجاهد عليهم وضيق عليهم، واعتقل الأكابر وعاقبهم وصادرهم حتى هلك بعضهم في حبسه، وبعضهم خلص بعد مدة، وباعوا أملاكهم وأدوها في المصادرة. وهلك في الحبس سيف الدين ابن أبي علي، وهو أخو أستاذ دار الملك الصالح حسام الدين، ويا ما ذاق من الشدائد حتى مات.

وضعف صاحب حماة ضعفاً كثيراً، واغتنم ضعفه صاحب حمص فسار وقصد دمشق مؤازراً لإسماعيل، فصبحوا دمشق في صفر سنة سبع، وأخذت بلا قتال. بل تسلق جماعة من خان ابن المقدم من السور، ونزلوا فكسروا قفل