والخوارزمية وملأ بهم الحبوس. وقال الأمير شمس الدين لؤلؤ أتابك حلب للصالح: أبصر عواقب الظلم كيف صارت؟
وفي ذي القعدة قدم السلطان الملك الصالح نجم الدين دمشق، فدخل يوم تاسع عشره وكان يوماً مشهوداً بكثرة الخلائق والزينة، وأحسن إلى الناس. وأقام نصف شهر، ورحل إلى بعلبك فكشفها، ثم رجع ومضى نحو صرخد فتسلمها من عز الدين أيبك بعد أن نزل إلى خدمته برأي ابن العميد، فدخلها الصالح.
ثم مضى إلى بصرى، وقدم عز الدين أيبك دمشق، وكتب له منشورا بقرقيسيا، والمجدل، وضياعا في الخابور، فلم يحصل له من ذلك شيء. وتوجه السلطان إلى مصر، وتصدق في القدس بألفي دينار، وأمر بعمارة سورها، وقال: اصرفوا دخل البلد في عمارة السور.
وفيها وصلت الأخبار: أن البابا طاغوت النصرانية غضب على الأنبرور وعامل خواصه الملازمين له على قتله، وكانوا ثلاثة. وقال لهم: قد خرج الأنبرور عن دين النصرانية ومال إلى المسلمين فاقتلوه وخذوا بلاده لكم. وأعطى أحدهم صقلية، والآخر نغفاته، والآخر بوليه. وهذه الثلاثة مملكة الأنبرور.
فكتب مناصحون للأنبرور إليه بذلك، فعمد إلى مملوك له، فجعله مكانه على سرير الملك مكانه وأظهر أنه هو، وأنه قد شرب شربة، فجاء الثلاثة يعودونه والأنبرور في مجلس ومعه مائة بالسلاح.
فأما الثلاثة فإنهم رأوا قتل الأنبرور - لكونه ضعيفاً من الدواء - فرصة، فخطوا عليه، وهو مغطى الوجه، بالسكاكين فقتلوا الغلام. فخرج عليهم المائة فقبضوا عليهم، وذبحهم الأنبرور بيده وسلخهم. فلما بلغ البابا بعث إلى قتاله جيشاً، والخلف بينهم واقع.
وفيها تسلم السلطان نجم الدين أيوب قلعة الصبيبة من ابن عمه الملك السعيد ابن الملك العزيز. ثم أخذ حصن الصلت من الناصر.