للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على مِنْبرٍ من ياقوت مُرَصَّع بالجوهر، والملائكة جلوسٌ بين يديه والحق حاضرٌ، يسمع كلامه، وأصبحنا عملنا عزاءهُ، وتكلَّمت يومئذٍ، وحضر خلْقٌ عظيم، وقام عَبْد القادر العلويّ، وأنشد هَذِهِ القصيدة:

الدّهْرُ عن طمعٍ يُغر ويخدع … وزخارف الدّنيا الدّنيَّة تطمعُ

وأَعِنَّة الآمال يُطلقها الرجا … طَمَعًا وأسيافُ المنيَّة تقطعُ

والموت آتٍ والحياة مريرة … والنّاس بعضهم لبعضٍ يتبعُ

واعلم بأنَّك عن قليلٍ صائرٌ … خبرًا فكن خبرًا لخير يسمعُ

لعُلا أَبِي الفَرَج الَّذِي بعد التُقى … والعِلم يوم حواه هَذا المضجعُ

حَبْرٌ عليه الشَّرْع أصبح والهًا … ذا مقلةٍ حَرَّى عليه تدمعُ

مَنْ للفتاوى المشكلات وحلّها … مَن ذا لخرقِ الشّرعِ يومًا يرقعُ

مَن للمنابر أن يقوم خطيبها … ولِرَدّ مسألةٍ يقول فيسمعُ

مَن للجدال إذا الشفاهُ تقلّصتْ … وتأخّر القَرْم الهِزَبْرُ المِصْقَعُ

مَن للدياجي قائمًا دَيْجورَها … يتلو الكتاب بمقلةٍ لا تهجعُ

أَجَمال دين مُحَمَّدٍ مات التقى … والعلمُ بعدك واستحم المجمعُ

يا قبره جادتْك كلّ غمامةٍ … هطالةٍ ركانة لا تقلعُ

فيك الصَّلاة مع الصَّلات فَتِهْ به … وانظر به باريك ماذا يصنعُ

يا أحمدًا خُذْ أحمدَ الثّاني الّذي … ما زال عنك مدافعًا لا يرجعُ

أقسمت لو كُشِفَ الغطاء لرأيتمُ … وَفْدَ الملائك حولَه يتسرّعوا

ومحمدٌ يبكي عليه وآله … خيرُ البريَّة والبَطِين الأنزعُ

فِي أبيات.

ومن العجائب أنّا كنّا يومئذٍ بعد انقضاء العزاء عند القبر، وَإِذَا بخالي مُحيي الدّين يوسف قد صعِد من الشّطّ، وخلفه تابوت، فقلنا: ترى مَن مات فِي الدّار؟ وَإِذَا بها خاتون والدة محيي الدّين، وعهدي بها ليلة الجمعة فِي عافية، وهي قائمة، فكان بين موتهما يومٌ وليلة، وعَدَّ النّاسُ ذلك من كراماته؛ لأنه كان مغرى بها محبا.

وخلف من الولد علِيًّا، وهو الّذي أَخَذَ مصنَّفات والده وباعها بيعَ العبيد، ومَن يزيد، ولمّا أُحدِر والده إِلَى واسط تحيَّل على كُتُبه باللّيل، وأخذ منها ما