وفوق تلك الحالِ المفزعةِ وذلك الكرب للعاصِين فإنَّهم يومئذٍ يَحملون أوزارَهم على ظهورِهم ذاهبين بها إلى أرضِ المحشرِ ويقفون بين يديْ ربِّهم في يومٍ كان مقدارُه خمسين ألفَ سنةٍ وظهورُهم تنوءُ بتلك الأحمالِ وتراهم الخلائقُ على تلك الحال المزرية، عياذاً بالله، فيالَفضيحتِهم و يالَخزْيِهم يومئذ.
فتمثّل لهم أعمالهم في أقبحِ شيءٍ صورةً وأنْتنِها ريحاً فيقول هل تعرفُني فيقول لا، إلا أن الله قد قبَّح صورتَك وأنتَنَ ريحَك، فيقول كذلك كنتَ في الدنيا أنا عملُك السيئُ طالما ركبْتَني في الدنيا فأنا اليوم أركبُك ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [الأنعام: ٣١](١) فتراه يحمل نمائمهُ التي مشى بها بين الناس، وكذبه الذي أوقد به النائرة في قلوبهم، وغِشه وحقده وسائر ما لم يكفّر من ذنبه .. ينْفِر الناس منه لنتن ريحه ودنَس حِمله.
هذا ومن أخذَ شيئاً بغير حقٍّ يقومُ يوم القيامةِ وهو يحملُه على ظهرِه. قال ﷺ: «لا أُلفِيَنَّ أحدَكم يجيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِه بعيرٌ لها رُغاء يقول يا رسولَ الله أغثْني فأقول لا أملكُ لك من الله شيئاً، لا أُلفِيَنَّ أحدَكم يجيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِه فرسٌ له حمحمةٌ يقول يا رسولَ