بأمثالِهم، وفي الفنادقِ لهم أجنحةٌ مميَّزةٌ، وفي البنوكِ ترى الناسَ يزدحمون ويقفون صفوفاً لقضاء مصالحِهم .. أما هؤلاء فلهم غُرفٌ مكيَّفةٌ تُدارُ عليهم أصنافُ الحلوى والقهوةِ ريثما تُقضى شئونُهم .. يشيرُ إليهم الناسُ بالبَنانِ فهم الفئة الذين حازوا قصَبَ السَّبْقِ وتبوؤوا المكانةَ الرفيعةَ .. إننا نسمعُ الناسَ يقولون عنهم (هؤلاء أناسٌ قد وصلوا .. ) ولا أدري لعمرُ اللهِ وصلوا إلى أين .. ؟ فقد يكون أحدُهم قد وصلَ إلى ما هو فيه من غنىً بالربا وأكلِ أموالِ الناسِ بالباطلِ، وقد يكون وصل إلى الجاهِ والمنصبِ بالحيلةِ والمكرِ، ولكن على أية حالٍ فهذا الواصلُ هو كذلك في نظر الناسِ القاصرِ. أما هؤلاء فإنَّهم قد وصلوا بتكريم ربِّهم ﷿ وتسجيلِهم عنده في لوائحِ الشرف، قوم قد وصلوا ذُرَى المعالي، طابت سجاياهم، واستقامت خلائقهم، فتأتي إلى قبورِهم النوقُ البيضُ عليها رِحالُ الذهبِ فتستقبلُهم فيقومون من قبورِهم في سكينة وطمأنينة لا يفزعون إذا فزع الناس، ولا يحزنون إذا حزنوا ينفُضون الترابَ عن أنفسِهم يقولون (الحمدُ للهِ الذي أذهبَ عنَّا الحزَنَ) هؤلاء هم المقرَّبون .. السابقون بالخيراتِ .. لطالما سهِروا في طاعةِ ربِّهم والناسُ نائمون .. ولطالما وقفوا يتهجَّدون في جُنْحِ الليالي والناسُ في ملذَّاتِهم سادرون .. كان أحدُ السلفِ يُطيل قيامَ الليل وكانت ابنتُه الصغيرةُ تراه يفعلُ ذلك فتُشفق عليه فسألتْه ذاتَ مرةٍ: يا أبَتِ أراك