بينهم ويتخافتون في قصر مدة الدنيا وسرعة الآخرة فيقول بعضهم ما لبثتم إلا عشرة أيام ويقول بعضهم غير ذلك والله يعلم تخافتهم ويسمع ما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة أي أعدلهم وأقربهم إلى التقدير إن لبثتم إلا يوماً والمقصود منه الندم العظيم إذ كيف ضيّعوا الأوقات القصيرة وقطعوها ساهين لاهين معرضين عما ينفعهم مقبلين على ما يضرهم فها قد حضر الجزاء وحق الوعيد فلم يبق إلا الندم والدعاء بالويل والثبور (١)، وإنهم ليتساءلون من هول الفاجعة يقولون ﴿مَن بَعَثَنَا مِنْ مَّرْقَدِنَا … ﴾ ثم يردّون على أنفسِهم ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ﴾ [يس: ٥٢] لأنهم ساعتئذٍ يكونون قد عرفوا وظهرَ لهم الحقُّ الذي كانوا يُنكرون فيؤمنون حيث لا ينفعُ الإيمانُ، أو أنَّهم يسمعون ذلك الردَّ من الملائكةِ الشهودِ عليهم.
فإذا قاموا وجدوا أنفسَهم لا يستطيعون المشيَ على الأقدامِ .. ولا على الأيدي .. ولا على الأرجلِ ولا كما يفعل الحيوانُ، بل ولا يستطيعون البقاءَ في قبورِهم إن عجزوا عن المشيِ، بل يجدون أنفسَهم مدفوعين للقيامِ يمشون على وجوهِهم عُمياً لا يروْن طريقَهم، وصُمّاً لا يسمعون تحذيراً وتنبيهاً، وبُكماً ليس لهم القدرةُ على الكلامِ والعياذ بالله تعالى.