أرأيتَ كيف أصبحتْ سوقُ الحسناتِ الآن غاليةً؛ تلك التي لم تكن تأبَهُ لقيمتِها في الدنيا، لم تكن تساوي عندَك سيجارةً واحدةً من التي ينفثُها صاحبُها لدقائقَ ثم ما يلبثُ أن يسحقَها تحت قدميْه، كم كان يستغرقُ من الوقتِ في شربِها، إن ما استغرقَه في شربِها ونفْثِ دخانِها كنتَ تستطيعُ أنت الحصولُ فيه على آلافٍ مؤلَّفةٍ من الحسناتِ، نعم واللهِ آلافٌ مؤلفةٌ من الحسناتِ.
ولنفترضْ جدلاً أنك قد تَحصَّلت على تلك الحسنةِ عند أحدِهم كم كنت على استعدادٍ لأن تدفعَ في سبيلِ امتلاكِها؟ أليس كنت ستدفعُ كلَّ ما تملك من غالٍ ونفيسٍ، نعم، كيف لا؟ فبها بعد رحمةِ اللهِ يترجح ميزانك فتدخل الجنةَ وتُعتَقُ من النارِ؛ يقولُ الله تعالى في شأنِ الكفارِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٣٦]، وينطبقُ عليك هذا القولُ: إنْ لم يرحَمْك ربُّك فلن يُقبلَ منك لو كنت تملكُ ما في الأرضِ جميعاً ومثلَه معه، لأنَّ سوقَ المالِ والمادةِ الآن لا قيمةَ له ولا وزنَ .. وبضاعتُه اليومَ أصبحتْ كاسدةً وحتماً سوف تبحثُ عن شيءٍ آخرَ، تفتدي به في سبيلِ الحسنةِ الغاليةِ؛ يقول تعالى: ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ