للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عباس : (السابقُ بالخيراتِ يدخلُ الجنةَ بغيرِ حسابٍ والمقتصدُ يدخلُ الجنةَ برحمةِ اللهِ والظالِمُ لنفسِه وأصحابُ الأعرافِ يدخلون الجنةَ بشفاعةِ محمدٍ (١).

يا له من موقف رهيب يوم تنظر عن يمينك فترى الجنة وأهلها ينعّمون فيها، وتنظر ذات الشمال فترى النار وأهلها يعذّبون فيها، ولا تعلم من أي الفريقين أنت .. بل وتخيَّل كيف يكون موقفك في أرض المحشر وقد تساوتْ حسناتُك مع سيئاتِك وبِتَّ تبحثُ عمَّن يتصدقُ عليك بحسنةٍ واحدةٍ .. هذه الحسناتُ التي كانت في الدنيا بضاعةً كاسدةً وكان الرجلُ منّا يزهدُ فيها وكأنَّه في غنىً عنها .. ها أنت اليوم تتوسلُ إلى أُمِّك (إنْ وجدْتَها في تلك الظلمةِ وذلك الزحام الشديد) فتقولُ لك نفسي نفسي، لا أوثِرُك اليومَ على نفسي.

فتبحثُ عن أبيك .. وتبحثُ .. وتسألُ، وكلٌّ في شغلٍ عنك، كلٌّ يريدُ أن ينجوَ بنفسِه وكلٌّ يبحثُ عمَّا أنت باحثٌ عنه، تخيلْ كم ستستغرقُ من الزمن كي تجدَه بين هؤلاء البشرِ في تلك الظلمةِ، وإن وجدته .. كم ستكونُ فرحتُك غامرةً وكأنَّك وجدْت كنْزاً، وتظنُّ أنَّ كُربتَك قد فُرجَتْ، فها قد وجدت والدَك العطوفَ الذي كان يُغدقُ عليك ويبذلُ من أجلِك كلَّ غالٍ ونفيسٍ، إنه لن يبخلَ عليك الآن بتلك الحسنةِ .. ولكن يالَخيبةِ أملِك؛ فما تلبثُ أنْ يَدبَّ اليأسُ إلى قلبِك من جديدٍ


(١) المعجم الكبير ج ١١/ ص ١٨٩.

<<  <   >  >>