للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فاشتد ذلك على إبراهيم عليه السلام، فاستحيا مما قال إذ رأى غير ما قال، فقالا له: يا إبراهيم، ادع ربك، واسأله أن يعيد الماء في العين، فدعا اللَّه عز وجل فلم ير شيئًا، فاشتد ذلك عليه، فقال لهما: ادعوا اللَّه أنتما، فدعا أحدهما، فرجع وإذا هو بالماء في العين، ثم دعا الآخر، فأقبلت العين، فأخبراه أنهما ملكان، وأنَّ إعجابه بقيام ليلته رد دعاءه عليه، ولم يستجب له (١). فاحذروا -رحمكم اللَّه تعالى- من الكبر، فليس يقبل مع الكبر عمل، وتواضعوا بصلاتكم، فإذا قام أحدكم في صلاته بين يدي اللَّه عز وجل، فليعرف اللَّه عز وجل في قلبه بكثرة نعمه عليه، وإحسانه إليه، فإن اللَّه عز وجل قد أوفره نعمًا، وأنه أوفر نفسه ذنوبًا، فليبالغ في الخشوع والخضوع للَّه عز وجل.

وقد جاء الحديث أن اللَّه أوحى إلى عيسى بن مريم: "إذا قمت بين يدي فقم مقام الحقير الذليل، الذام لنفسه، فإنها أولى بالذم، فإذا دعوتني فادعني وأعضاؤك تنتفض" (١). وجاء الحديث أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أوحى إلى موسى رحمه اللَّه نحو هذا (٢)، فما أحقَّك يا أخي وأولاك بالذَّم لنفسك، إذا قمت بين يدي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ. وجاء الحديث عن ابن سيرين: أنه كان إذا قام في الصَّلاة ذهب دم وجهه، كان يذهب خوفًا من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وفرقًا منه.

وجاء عن مسلم (٣): أنَّه كان إذا دخل في الصلاة لم يسمع حسًّا من صوت ولا غيره، تشاغلًا بالصلاة وخوفًا من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ (٤).


(١) لم أقف عليه.
(٢) رواه الإمام أحمد في "الزهد" ص ١٠٩.
(٣) هو مسلم بن يسار كما في "الزهد".
(٤) رواه عبد اللَّه بن أحمد في زوائده على "الزهد" ص ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>