للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجبار الأهالي على شرائه بادرة تدل على مدى الظلم والجور والانتقام من أهالي القدس، ويدل أيضا على اهتمام مجير الدين الحنبلي بالحديث عن التاريخ الاقتصادي في الفترة التي عاصرها، وتفصيلها باهتمام كبير، ويذكر في هذه الأحداث الأسعار ويقدر مدى الخسارة التي لحقت بالسكان من جراء هذه الممارسات، وذكر الغلاء وارتفاع الأسعار (١).

٥: ٢ - التراجم:

بالرغم من أن الأنس الجليل ليس كتاب تراجم بالمعنى المتعارف عليه، إلا أن مجير الدين اهتم بتراجم بيت المقدس اهتماما واضحا وخصوصا القضاة ورجال العلم، وقد ركز في الترجمة على ذكر اللقب والكنية، المولد، وحدد عمر المترجم له، والسلاطين حدد فترة ولايتهم وذكر الصفات والشكل والوفاة وكيفيتها وتاريخها ومكانها ومكان الدفن لكثير مما ترجم لهم، وذكر الأعمال التي قام بها صاحب الترجمة، ولكن نجد أن مجير الدين قد أفرد عنوانا مستقلا لشيخه الكمالي وكأن ذلك نوع من العرفان بالجميل، إذ اهتم مجير الدين الحنبلي اهتماما خاصا بالشيخ الكمالي الذي كان أحد أساتذته، وأحد علماء وأعيان القدس الشريف. وكان القاضي الكمالي بن أبي شرف قد دخل في نزاع مع المقر الأشرفي السيفي أقباي كافل نيابة غزة، وطلب على أثرها إلى القاهرة، وكان محبوبا جدا من قبل سكان بيت المقدس، وبعد أن وصل إلى القاهرة وتكلم في حضرة السلطان الأشرف قايتباي، حتى أعجب برجاحة عقله، فأنعم عليه برئاسة المدرسة الصلاحية بالقدس، فكان له دور كبير في زيادة الوازع الديني لدى سكان هذه المدينة، وتقوية علاقتها بالسلطة المملوكية إذ توجه مع جماعة من أعيان القدس إلى الرملة لملاقاة الأمير أقبردي الدودار الذي حضر لزيارة المدينة المقدسة في عام ٨٧٧ هـ/ ١٤٧٢ م، وقد ذكر أن له مكانة خاصة إذ كانت تصل إليه المراسيم التي تعالج شؤون المملكة (٢).

٦: ٢ - الصراع على القدس:

موضوع حديث الصراع على القدس، يتجدد باستمرار، وبدأ الصراع عليها منذ فجر التاريخ مرورا بالحرب الصليبية وانتهاء بالاحتلال اليهودي لها سنة ١٩٦٧ م، وينسحب هذا الكلام على زمن مجير الدين الحنبلي، وإن كان أخف حدة في مظهره، ولم يأخذ الطابع العسكري، فيتجدد الصراع حول كنيس اليهود في هذه


(١) ينظر ص: ٤٣٥، ٤٥٤.
(٢) ينظر ص: ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>