للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشتد القتال بينهم، فحملوا على أطلاب المسلمين حملة واحدة فاستشهد جماعة من المسلمين، ثم كر العسكر على الكفار فصدوهم وكسروهم وقتل منهم وأسر جماعة، وهرب الفرنج ودخلوا أرسوف ونزلوا قريبا من الماء وبات السلطان تلك الليلة على نهر العوجا، وأقام العدو يوم الأحد في موضعه، ثم رحل يوم الثلاثاء سائرا إلى يافا، وعارضهم (١) العسكر في طريقهم.

ثم رحل السلطان يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان ونزل بالرملة واجتمع عنده الأثقال كلها، ثم رحل ونزل بظاهر عسقلان بعد العصر.

خراب عسقلان (٢)

لما نزل السلطان بالرملة أحضر عنده أخاه العادل وأكابر الأمراء وشاورهم في أمر عسقلان. فأشار بعضهم بخرابها للعجز عن حفظها فإن الفرنج نزلوا بيافا، وهي مدينة بين القدس وعسقلان، متوسطة ولا سبيل إلى حفظ المدينتين إلا بعدد كثير، وتيقن أنهم إذا وصلوا إلى عسقلان تسلموها كما وقع في عكا، واقتضى الحال هدمها، ووصل السلطان إلى عسقلان وشرع في هدمها بكرة يوم الخميس تاسع عشر شعبان، فنقض أسوارها وهدم منازلها، وكانت من أحسن المدن وأظرفها، فصارت خرابا، داثره، وحصل لأهلها مشقة زائدة بهدمها وباعوا أمتعتهم بأبخس الأثمان، وتشتتوا في البلاد.

[فصل]

فلما هدمها رحل يوم الثلاثاء ثاني شهر رمضان ونزل على يبنا (٣) ونزل يوم الأربعاء ثالث الشهر بالرملة، ثم خرج إلى لد وأشرف عليها وأمر بإخرابها وإخراب قلعة الرمل، ففعل ذلك، ثم توجه إلى بيت المقدس وأقام يوم الخميس، ثم خرج منه يوم الاثنين ثامن شهر رمضان بعد الظهر، وبات في بيت نوبة (٤). وعاد إلى المخيم يوم الثلاثاء ضحوة. وفي هذا التاريخ خرج ملك الإنكثير متنكرا فخرج عليه الكمين وجرى قتال عظيم حتى كاد يؤسر


(١) وعارضهم أ د: فعارضهم ب هـ: - ج.
(٢) ينظر: ابن الأثير، الكامل ٩/ ٢١٦؛ ابن شداد ١٧١ - ١٧٣؛ أبو شامة، الروضتين ٢/ ١٩٢؛ ابن كثير، البداية ١٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦.
(٣) يبنا: بليد قرب الرملة به قبر يقال أنه لأبي هريرة، ، وقيل لعبد الله بن أبي السرح، دمرها اليهود سنة ١٩٤٨ م، ينظر: البغدادي، مراصد ٣/ ١٤٧٣؛ شراب ٧١٠.
(٤) بيت نوبا: بليدة من نواحي فلسطين قرب بيت المقدس، كان ينزلها صلاح الدين للوقوف على الأعمال العسكرية التي يقوم بها قواده، ينظر: البغدادي، مراصد ١/ ٢٣٩؛ شراب ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>