للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البرج الثاني، ثم الثالث، وسقط الثلاثة أبراج بقدرة الله تعالى. فحصل للمسلمين السرور بذلك، ودمر الله المشركين (١).

والعجب أن الأبراج كانت متباعدة وقد أبعدها الفرنج بمسافات (٢) وكل واحد منها على جانب من البلد فاحترقت في وقت واحد وكان سبب حريقها (٣): أن رجلا يعرف بعلي بن عريف النحاسين بدمشق كان استأذن السلطان في دخول عكا للجهاد، وأقام بها وشرع يعمل بالنفط (٤) ويركب عقاقير والناس يضحكون منه (٥)، فلما قدمت الأبراج إلى البلد رمى عليها بالنفوط وغيرها، فلم يفد، فحضر ابن العريف إلى بهاء الدين قراقوش واستأذنه في الرمي، فأذن له على كره، فإن الصناع (٦) قد أيسوا.

فلما أذن له بهاء الدين قراقوش رمى أحد الأبراج فأحرقه، وكان فيه سبعون رجلا تعذر عليهم (٧) الخلاص منه، ودخل جماعة لاستنقاذ ما فيه فاحترقوا بدروعهم وسيوفهم وتحول ابن العريف إلى مقابلة البرج الثاني فأحرقه، وانتقل إلى الثالث فأحرقه، ولم يكن ذلك بصنعه بل وفقه الله تعالى له. وخرج المسلمون من البلد فنظفوا الخندق (٨) وجاءوا إلى الموضع واستخرجوا الحديد وأخذوا ما وجدوا من الزرديات وغيرها، ولله الحمد والمنة.

وصول الأسطول من مصر (٩)

كان السلطان أمر بتعمير أسطول آخر من مصر، فلما كان ظهر يوم الخميس ثامن جمادى الأولى ظهر الأسطول، فركب السلطان ليشغل الفرنج عن قتال الأسطول فعمر الفرنج أسطولا، وتلاقى هو وأسطول المسلمين، فجاءت مراكب المسلمين ونطحت مراكبهم، وأخذ المسلمون مركب للفرنج وأخذ الفرنج مركبا للمسلمين، واتصل الحرب في البحر إلى غروب الشمس،


(١) المشركين أ: الكافرين ب د هـ: - ج.
(٢) بمسافات أ ب د: بمسافة هـ: - ج.
(٣) حريقها أ: حرقها ب د هـ: - ج.
(٤) بالنفط أ: النفط ب د هـ: - ج.
(٥) يضحكون أهـ: يسخرون ب د: - ج.
(٦) على كره فإن الصناع أ ب د: - ج هـ.
(٧) تعذر عليهم أ ب: فعسر عليهم ج د هـ.
(٨) فنظفوا الخندق أ: فحفروا الخندق ج د هـ إلى الموضع أ: موضع الحريق ب ج د هـ.
(٩) ينظر: ابن الأثير، الكامل ٩/ ٢٠٦؛ ابن شداد ١٠١؛ أبو شامة، الروضتين ٢/ ١٥٤؛ ابن كثير ١٢/ ٣٣٦؛ المقريزي، السلوك ١/ ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>