للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ونوقش:

بأن الأصل في الأمر الوجوب، فأين الصارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب، والأصل في موافقة المشركين التحريم، وليس الكراهة.

• ويجاب عن هذا بجوابين:

الجواب الأول:

أن الأصل في الأمر الشرعي الوجب مسألة خلافية بين أهل الأصول، والخلاف في دلالته قوي، والراجح أن الأمر للوجوب إلا أن السلف يصرفونه لأدنى صارف، ولهذا لما رأى كثير من العلماء أن هناك أوامر على الاستحباب، ولم يظهر له قوة الصارف قالوا: إن المستحب هو القدر المتيقن، فلا نصرفه للوجوب إلا بقرينة، لأن الأصل عدم الوجوب، والحق أن الأصل في الأمر للوجوب، ولا يتشدد في الصارف، فيصرف الأمر للكراهة لأدنى صارف، ومن الصوارف لهذا الحديث:

الصارف الأول:

أن التعليل بمخالفة المشركين قد يكون قرينة صارفة للأمر من الوجوب إلى الكراهة، فالأصل أن ما كانت علته المخالفة فهو محمول على الكراهة إلا لقرينة صارفة، فقد يصل الأمر إلى ما أهو أعلى من التحريم كالشرك، وقد يصل الأمر إلى ما هو أدنى من الكراهة، وهو ما يعبر عنه بخلاف الأولى كالأمر بالصلاة بالنعل مخالفة للمشركين، وكقوله صلى الله عليه وسلم: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر، فإن كان مجردًا من القرائن حمل على الكراهة، وهو قول وسط (١)، خاصة أن عمدة من قال: إن الأصل في


(١) وابن حجر يعلل دائمًا بهذا، ولهذا لما تكلم في العلة في آنية الذهب والفضة، وأن العلة فيها التشبه بالأعاجم، قال في الفتح (١٠/ ٩٨): «وفي ذلك نظر؛ لثبوت الوعيد لفاعله، ومجرد التشبه لا يصل إلى ذلك». اهـ
وكذلك يذهب حرملة إلى أن التشبه لا يصل إلا التحريم في غير مسألتنا، انظر الفتح (١٠/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>