للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرك، خاصة أن هذه الآية أول ما نزل من القرآن، فهي قد نزلت قبل الأمر بالصلاة والوضوء.

ولو حملنا الآية على طهارة الثياب الظاهرة، فإن الآية فيها الأمر بتطهير الثياب، وهو مطلق، ليس فيه أن ذلك خاص بالصلاة، فهل تقولون بوجوب طهارة الثياب من النجاسة مطلقًا، ولو خارج الصلاة؟ فإن قلتم ذلك، فإن الإجماع منعقد على أنه لا يجب على الإنسان الطهارة من الخبث إلا حال الصلاة (١)، وإن قلتم إن الآية مقيدة بالصلاة فقط، قلنا: لكم، إن الصلاة وقت نزول الآية لم تكن معلومة للرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما علمه جبريل كيفية الصلاة بعد أن فرضها الله عليه ليلة الإسراء.

وقد جاء في اللغة ما يدل على إطلاق الثياب على غير اللباس:

يقال: فلان طاهر الثياب، إذا لم يكن دنس الأخلاق

قال امرؤ القيس: ثياب بني عوف طهارى نقية.

وقوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: ٤]، معناه: وقلبك فطهر، وعليه قول عنترة:

فشككت بالرمح الأصم ثيابه ... ليس الكريم على القنا بمحرم

أي شككت قلبه. وقيل: معنى وثيابك فطهر: أي نفسك.

وقيل: معناه لا تكن غادرًا، فتدنس ثيابك؛ فإن الغادر دنس الثياب. قال ابن سيده: ويقال للغادر: دنس الثياب.

وقيل: معناه: وثيابك فقصر؛ فإن تقصير الثياب طهر؛ لأن الثوب إذا انجر على الأرض لم يؤمن أن تصيبه نجاسة، وقصره يبعده من النجاسة.

وقيل معنى قوله: وثيابك فطهر، يقول: عملك فأصلح.

وروى عكرمة، عن ابن عباس في قوله عز وجل: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: ٤]،


(١) نقل الإجماع ابن حزم في المحلى (٣/ ٢٠٣) مسألة: ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>