الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد، فهذا هو الكتاب الثالث في الطهارة من الحدث الأصغر، وقد سبقت الإشارة في مقدمة الكتاب أن الطهارة الأصلية لا تكون إلا بالماء، يقابلها طهارة البدل، أعني التيمم، وهذه بالتراب.
والطهارة الأصلية، وإن كانت لا تقوم إلا بالماء، إلا أنها تارة تكون بالغسل، كغسل أعضاء الوضوء من وجه ويدين وقدمين.
وتارة تكون بالمسح بالماء، كمسح الرأس، والخفين والجوربين والعمامة، والجبيرة، بخلاف الطهارة الأصلية من الحدث الأكبر فليس من فروضها ممسوح إلا أن يكون طهارة ضرورة كالجبيرة.
وكتابنا هذا هو في طهارة المسح بالماء، وهو يخالف التيمم، فإنه وأن اتفق معه بالمسح، إلا أن التيمم لا يكون إلا بالتراب، ويشترط لصحته عدم الماء، بخلاف طهارة المسح بالماء فإنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما كان فرضه المسح فقط، وهو الرأس.
القسم الثاني: ما كان فرضه الغسل إن كان مكشوفًا، أو المسح إن كان مستورًا، كالقدم، سواء اعتبرنا مسحه عزيمة، أو اعتبرناه رخصة، وسواء قيل: إن المسح بدل عن الغسل، أو قيل: إن المسح فرض بنفسه ليس بدلًا عن غيره، وإنما القدم لها حالتان: تارة تكون مكشوفة، فيكون فرضها الغسل، وتارة تكون مستترة، فيكون فرضها المسح، وليس أحدهما بدلًا عن الآخر، وينبني على الخلاف في هذه المسألة: