للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: «وما أظن أجلي إلا قد اقترب»، وقوله: «فأما الإنس فقد آمنت بي» يدل على أن ذلك كان في آخر عمره وذلك بالمدينة المنورة، لأنه بمكة لم يكن أسلم من الناس إلا القليل. وأيضا فإن قول ابن مسعود: «ألا تستخلف عليا؟» يدل على ذلك، فإن عليا كان أيام وجوده بمكة لا يزال صغيرا.

ويدل على وجود غلط من الراوي في هذه الرواية ورود الحديث نفسه من طريق أخرى ليس فيه ذكر مكة؛ قال أحمد في «مسنده» (١): حدثنا عبد الرزاق، ثنا أبي، عن ميناء، عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع النبي ليلة وفد الجن فتنفس فقلت: مالك يا رسول الله؟ قال: «نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود»، قلت: استخلف، قال: من؟ قلت: أبو بكر … الحديث، فلم يذكر فيه مكة. والراوي عن ابن مسعود ميناء (٢) ضعفوه وبالغوا فيه على عادتهم في المتشيّعة، لكن ذكره ابن حبان في «الثقات» (٣)، بل قال الحاكم (٤): إن له صحبة ورؤية.

الحديث الخامس: من رواية عُلي بن رباح عنه، قال البيهقي: في «دلائل النبوة» (٥): حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو نصر بن قتادة، قالا: أنا محمد بن (٦) يحيى بن منصور القاضي، ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم البوشنجي، ثنا روح بن صلاح، ثنا موسى بن علي ابن رباح، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: استتبعني رسول الله


(١) «المسند» ٧/ ٣٢٢.
(٢) ميناء بن أبى ميناء القرشي الزهرى الخراز، مولى عبد الرحمن بن عوف، قال الحافظ في «تهذيب التهذيب» ١٠/ ٣٩٧: «قال الدوري عن ابن معين: ليس بثقة، وكذا قال النسائي، وقال الجوزجاني: أنكر الأئمة حديثه لسوء مذهبه، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، وقال أبو حاتم: منكر الحديث روى أحاديث مناكير في الصحابة لا يعبأ بحديثه كان يكذب، وقال الترمذي: روى مناكير، وقال العقيلي: روى عنه همام بن ناقع أحاديث مناكير لا يتابع منها على شيء، وقال ابن عدي: وتبين على أحاديثه أنه يغلو في التشيع.» اه
(٣) «الثقات» لابن حبان ٥/ ٤٥٥.
(٤) قال الحاكم في «المستدرك» ٣/ ١٧٤: «وميناء مولى عبد الرحمن بن عوف قد أدرك النبي وسمع منه، والله أعلم»، واستغربه الحافظ ابن حجر في «التهذيب» ١٠/ ٣٩٧.
(٥) «دلائل النبوة» للبيهقي ٢/ ٢٣١.
(٦) هكذا بخط المؤلف، وأظنه سبقُ قلم، وإنما هو أبو محمد يحيى بن منصور القاضي، كما هو في النسخة المحققة من «دلائل النبوة» للبيهقي، وكذلك هو في «تفسير ابن كثير» ٧/ ٢٩٣،

<<  <   >  >>