للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعمدة في الباب كونُ ادعاء الصحبة والرواية شرطها العدالة، والجن لا تُعرف عدالتهم.

فصل:

الفائدة الخامسة: قد روى جماعة من أهل القرن الثالث عشر عن جماعة من الجن ادعوا أنهم صحابة، وهذا يدلّ على أنهم مُنظَرون.

وقد اختلف في ذلك، فقال الحسن: إنهم منظرون مع إبليس، وقال ابن عباس وعبد الله بن الحارث وقتادة وجماعة: إنهم يموتون غير إبليس، واحتج قتادة بقوله تعالى ﴿أولئك الذين حَقّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِنَ الْجِنّ وَالْإِنسِ﴾.

قلتُ: قد سبق أنهم يموتون في أحاديث كثيرة، وأنهم يتحاربون ويتقاتلون، ويأتي ذكر موتهم في أحاديث أخرى. وسبق ذكرُ حديث اجتماع النبي بهامة بن هيم بن لاقيس بن إبليس، فإن ثبت دلّ على أنهم يُعمّرون أكثر مما يُعمرُ الإِنسُ، وبعضهم يعمر أكثر من بعض.

وقد روى أبو سعد النيسابوري في «شرف المصطفى» (١) عن الجعد بن قيس، وكان قد بلغ مائة سنة، قال: خرجنا - أربعة نفر - نريد الحج في الجاهلية، فمررنا بوادٍ من أودية اليمن، فلمّا أقبل الليلُ استعدنا بعظيم الوادي، وعقلنا رواحلنا، فلما هدأ الليل و نام أصحابي، إذا هاتف من بعض أرجاء الوادي يقول:

ألا أيها الركب المعرس بلغوا … إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

محمداً المبعث فينا تحيةً … تُشيّعه من حيث سار ويما

وقولوا له إنا لدينك شيعةٌ بذلك أوصانا المسيح ابن مريما

وروى أبو الشيخ في كتاب «النوادر والنتف» (٢)، وهو عندي في عشرة أجزاء حديثية، قال: حدثنا عبد الرحمن بن داود، ثنا أحمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبو


(١) «شرف المصطفى» للنيسابوري ١/ ٢٥٢.
(٢) عزاه إليه الشبلي في «آكام المرجان» ص ٢٠٧.

<<  <   >  >>