للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المغيرة، حدثنا أبو معشر، حدثنا عيسى بن أبي عيسى، قال: بلغ الحجاج بن يوسف أن بأرض العين مكانا إذا أخطئوا فيه الأرض سمعوا صوتا يقول: هلموا الطريق، ولا يرون أحدا. فبعث ناسا وأمرهم أن يتخاطؤوا الطريق عمدا، فإذا قالوا لكم: هلموا الطريق فاحملوا عليهم، فانظروا ما هم؟ ففعلوا ذلك، قال: فدعوهم فقالوا: هلموا الطريق، فحملوا عليهم، فقالوا: إنكم لن ترونا، فقالوا: منذ كم أنتم هنا؟ قالوا: ما نُحصِي السنينَ غير أن الصين خُرّبت ثمان مرار، وعُمّرت ثمان مرار، ونحن هاهنا.

وسيأتي في حديث من اشتكى ضرورته قولُ بعض الجن: إنهم يعمرون أكثر من الإنس وأنهم يعيشون الأربعمائة والستمائة، وأن الرجل يبلغ منهم في ستين سنة.

فصل:

الفائدة السادسة: قد ادعى التعمير والصحبة والتابعية جماعة من الإنس من أهل القرن الرابع والسادس والثامن أو السابع كرتَنِ الهندي (١)، وأبي الدنيا الأشج (٢) الطنجي أو اليمني، وأبي سعيد الحبشي (٣)، وأضرابهم (٤)، ممن لا شك في كذبهم؛ فلا


(١) قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» ٢/ ٤٥: «رَتَن الهندي، وما أدراك مارتن، شيخ دجال بلا ريب، ظهر بعد الستمائة، فادعى الصحبة، والصحابة لا يكذبون، وهذا جريء على الله ورسوله، وقد ألفت في أمره جزءا، وقد قيل: إنه مات سنة ٦٣٢ هـ، ومع كونه كذابا فقد كذبوا عليه جملة كبيرة من أسمج الكذب والمحال». انتهى.
(٢) قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» ١٩/ ٣١٧: «أبو الدنيا الأشج: عثمان بن خطاب بن عبد الله بن عوام أبو عمرو البلوي المغربي الأشج، المعروف بأبي الدنيا، الذي ادعى أنه سمع من علي بن أبي طالب وأنه معمر وحدث عنه ببغداد. ليس ثقة ولا صدوق، وعلى قوله يكون قد عاش ثلاث مائة سنة وأكثر. وتوفي سنة سبع وعشرين وثلاث مائة». اه
(٣) قال العلامة عبد الحفيظ الفاسي في كتابه «الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات» ١/ ١٩٩: «وأبو سعيد الحبشي هذا لا يُعرف في الصحابة، ولا ذكر لهم في الكتب المؤلفة فيهم، و لم يُعرف اسمه إلا في المئين المتأخرة، واحتمال وجوده عقلا وتعميره أو عدم مخالطته للناس أو سكناه في محل بعيد فلم يشتهر، إلى أن عُرف أخيرا: لا يفيد مع ورود الشرع بنفيه». اهـ
(٤) كالربيع بن محمد المارديني الذي ادعى الصحبة والتعمير في سنة ٥٩٩ هـ، ومات سنة ٦٥٢ هـ؛ وكرجل أسود من ناحية السودان دخل إلى الأندلس سنة ٣٢٩ هـ قال: إنه منصور بن خزامة مولى رسول الله ، وأنه أدرك عثمان بن عفان إذ كان مراهقا في أيامه، وكان مع عائشة يوم الجمل وشهد صفين وخرج عن الأندلس إلى المغرب في سنة ٣٣٠ هـ؛ وكعبد الله بن محمود بن محمد، ظهر بعد الستمائة وقال: إنه لقي بعض التابعين؛ وكدينار أبو مكيس الحبشي حدث سنة ٢٤٠ هـ عن أنس بن مالك بأحاديث موضوعة بلغت نحو ٢٥٠ حديث؛ وقال إنه خادمه. وكيغنم بن سالم بن قنبر حدث في زمان الإمام مالك عن أنس أيضا، وقال إنه مولى علي بن أبي

<<  <   >  >>