للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد يتصوّر البعض أنهم يَنكبُّون على الكؤوسِ من شدةِ الازدحامِ والتنافسِ كما كانوا ينكبّون في الدنيا ويقفون صفوفاً في قيظ الصيف للحصول على صِهريجٍ للماء من مصلحة المياه.

أوكما كانوا يتزاحمون إذا ذهبوا إلى مأدُبةٍ أو وليمةِ عُرسٍ فقد تنتهي تلك الأطباقُ المتراصَّةُ وأدواتُ الطعامِ بل الطعامُ نفسه فيقعد أحدهم ملوماً محسوراً، هكذا هو الازدحام في الدنيا. فلا تحسبنّ أن هذا بفتوّتِه سيحوز على أكبرِ الكؤوسِ، وذاك لضعفه قد يحصل على أصغرِها أو من شدةِ الكظيظِ والتدافُعِ قد لا يجدُ أحدُهم موطئَ قدمٍ؟ كلا .. فهذه الخواطرُ قد ترِدُ على عقولِ أهلِ الدنيا لمحدوديتِها، أما هنا فالأمر أرقى من ذلك، أشدُّ تنظيماً وأعظمُ ترتيباً .. كيف لا وهم وُفودُ الرَّحمنِ إلى حوضِ خليلِه ورسولِه .

فلا تخفْ ولتطمئنَّ .. فأنت هنا في ضيافةٍ من نوعٍ آخرَ .. ضيافةٌ القائمُ عليها هو أشرفُ الخلقِ . فكيزانُ الحوض وأكوابُه بعددِ نجومِ السماءِ، وكلُّ عبدٍ كوبُه مقدَّرٌ له، فهو في انتظارِه لا يأخذُه أحدٌ سواه، ويحتمل أنهم إذا اقتربوا من الحوضِ وقعَت الأكوابُ في أيديهم كما هو الحال في الجنة إذا اشتهوا الشراب (١)، فهي مقدَّرةٌ تقديراً


(١) ففي الحديث «إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيئ الإبريق فيقع في يده، فيشرب ثم يعود إلى مكانه» حسنه الألباني في صحيح الترغيب ورقمه ٣٧٣٨. وهذا الحوض من الجنة وتجري عليه أحكامها والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>