للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن جهة المآخذ العربية؛ وهذا لا يمكن فيه التوقيفُ، وإلا لزِم ذلك في السلف الأوَّلين، وهو باطل؛ فاللازم عنه مِثلُه، وبالجملة فهو أوضح من إطناب فيه.

وأما الرأي غير الجاري على موافقة العربية أو الجاري (١) على الأدلة الشرعية؛ فهذا هو الرأي المذموم من غير إشكال، كما كان مذمومًا في القياس أيضًا، حسبما هو مذكور في كتاب القياس؛ لأنه تقوُّل على الله بغير برهان؛ فيرجِع إلى الكذب على الله تعالى، وفي هذا القسم جاء من التشديد في القول بالرأي في القرآن ما جاء، كما روي عن ابن مسعود: "ستجِدون أقوامًا يدعُونكم إلى كتاب الله، وقد نبذوه وراء ظهورهم؛ فعليكم بالعِلم، وإيَّاكم والتبدُّع، وإياكم والتنطُّع، وعليكم بالعتيق" (٢).

وعن عمر بن الخطاب: "إنَّما أخافُ عليكم رجُلَين: رَجُل يتأوَّل القرآن على غير تأويله، ورَجُلٌ يُنافِس المُلك على أخيه" (٣).

وعن عمر أيضًا: "ما أخافُ على هذه الأُمَّة من مؤمن ينهاه إيمانُه، ولا من فاسقٍ بيِّنٌ فسقُه، ولكني أخافُ عليها رجُلًا قد قرأ القرآن حتى أَذْلَقه بلسانه، ثُمَّ تأوَّله على غير تأويله" (٤)

وإنما هذا كلُّه توقٍّ وتحرُّز أن يقع الناظر فيه في الرأي المذموم والقولِ فيه من غير تثبُّت، وقد نُقِل عن الأصمعي - وجلالتُه في معرفة كلام العرب معلومة -


(١) أي: وغير الجاري.
(٢) أخرجه الدارمي في سننه (١٤٥)؛ وابن عبد البر في: جامع بيان العلم ٢/ ١٢٠٣ (٢٣٦٣).
(٣) أخرجه ابن عبد البر في: جامع بيان العلم ٢/ ١٢٠٢ (٢٣٦٤).
(٤) أخرجه ابن عبد البر في: جامع بيان العلم ٢/ ١٢٠٤ (٢٣٦٨).

<<  <   >  >>