للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ في بعض الآداب التي يتخلَّق بها المشتغل بالعربية مع علمائها وأئمَّتها

الأدب الأول: لا يجوز بحال نسبتهم إلى الكذب أو ما يخدِش عدالتهم:

"ردُّ [الـ] روايات .... وتكذيب ناقليها فيها … ، ليس هذا شأنُ العلماء" (١)؛ إذ "لا يسُوغ نسبة الناقل إذا كان عدلًا إلى الكذب أو الوهم إلا ببرهان واضح، وإلا فالظاهر الصدق … اللهم إلا أن يُقدَح في الشاهد من جهة الدلالة؛ باحتمال غير ما قال الخصم، فهناك يُسلَّم إن كان ظاهرًا أو غير مرجوح بالنسبة إلى الدعوى" (٢).

هذا في كلِّ ما يُخبِرون به؛ فمثلًا علماء عربية "لم يدَّعُوا في "ما أَفَقَرَهُ" وأخواته أنه شاذٌّ إلا بعد أن عرفوا بالاستقراء التامِّ أن قائله لا يتكلم بـ "فَقُرَ" ونحوه، وإن تكلَّم به؛ ففي شِعر أو نادر كلام وما لا ينبَني عليه القياس، وإلا لكان نفيُهم لذلك نفيًا لما لا عِلم لهم بنفيه ولا إثباته، وهذا لا يصحُّ أن يُنسب إلى عدل منهم على حال، كما لا يُنسَب مِثلُ ذلك إلى فقيه أو أصولى أو غيرهما …

ومن هنا قال بعضُ المحقِّقين في مسألة من مسائل التعجب: "إثباتُ أنهم تعجَّبوا من فعل ما بأن يُسمَع التعجُّب منه هيِّنٌ سهلٌ، وأما نفيُ أنهم لا يتعجَّبون منه بأن لم يُسمَع صعبٌ عَسِرٌ شاقٌّ، إلا على إمام موثوق به قد فهم من قرائن


(١) المقاصد الشافية ٥/ ٦٩٩.
(٢) السابق، ٥/ ٧٠٠.

<<  <   >  >>