للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنه لم يُفسِّر قطُّ آيةً من كتاب الله، وإذا سُئل عن ذلك لم يُجِب، انظر الحكاية عنه في "الكامل" (١) للمُبرِّد …

فالذي يُستفاد من هذا الموضع أشياء:

منها: التحفُّظ من القول في كتاب الله تعالى إلا على بيِّنة؛ فإن الناس في العِلم بالأدوات المحتاج إليها في التفسير على ثلاث طبقات:

إحداها: مَن بلغ في ذلك مبلغ الراسخين كالصحابة والتابعين ومَن يليهم، وهؤلاء قالوا مع التوقِّي والتحفُّظ والهيبة والخوف من الهجوم؛ فنحن أولى بذلك منهم إن ظننَّا بأنفسنا أنا في العلم والفهم مِثلُهم، وهيهات.

والثانية: مَن علِم من نفسه أنه لم يبلُغ مبالغهم ولا داناهم، فهذا طَرَفٌ لا إشكال في تحريم ذلك عليه.

والثالثة: مَن شكَّ في بلوغه مبلغ أهل الاجتهاد، أو ظنَّ ذلك في بعض علومه دون بعض؛ فهذا أيضًا داخل تحت حُكم المنع من القول فيه؛ لأن الأصل عدم العِلم، فعندما يبقى له شكٌّ أو تردُّدٌ في الدخول مَدخَلَ العلماء الراسخين، فانسحابُ الحُكم الأول عليه باقٍ بلا إشكال، وكلُّ أحدٍ فقيهُ نفسه في هذا المجال.

وربما تعدَّى بعض أصحاب هذه الطبقة طَورَه؛ فحسَّن ظنَّه بنفسه، ودخل في الكلام فيه مع الراسخين، ومن هنا افترقت الفِرق، وتباينت النِّحَل، وظهر في تفسير القرآن الخَلَل.


(١) ٢/ ٩٢٧، ٩٢٨.

<<  <   >  >>