للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقالةٌ فيمَن يؤخَذ عنه العِلم

"مِن أنفع طُرق العِلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذُه عن أهله المتحقِّقين به على الكمال والتمام ..... ، وهذا … واضح في نفسه، وهو … متفَقٌ عليه بين العقلاء؛ إذ من شروطهم في العالم بأيِّ عِلم اتفَق؛ أن يكون عارفًا بأصوله وما ينبني عليه ذلك العِلم، قادرًا على التعبير عن مقصوده فيه، عارفًا بما يلزَم عنه، قائمًا على دفعِ الشُّبَه الواردة عليه فيه …

وللعالم المتحقِّق بالعِلم أمارات وعلامات … ، وهي ثلاث:

إحداها: العملُ بما عُلِم؛ حتى يكون قولُه مطابقًا لفعله، فإن كان مخالِفًا له؛ فليس بأهلٍ لأن يؤخذ عنه، ولا أن يُقتدى به في علم …

والثانية: أن يكون ممن ربَّاه الشيوخُ في ذلك العِلم؛ لأخَذه عنهم، وملازمته لهم؛ فهو الجدير بأن يتصف بما اتصَفُوا به من ذلك، وهكذا كان شأن السلف الصالح.

فأوَّلُ ذلك ملازمة الصحابة لرسول الله وأخذُهم بأقواله وأفعاله، واعتمادُهم على ما يَرد منه، كائنًا ما كان، وعلى أيِّ وجهٍ صدر، فهُم فهموا مغزى ما أراد به أوَّلًا حتى علِموا وتيقَّنُوا أنه الحقُّ الذي لا يُعارَض، والحكمةُ التي لا ينكسر قانونُها، ولا يحُوم النقصُّ حول حمى كمالها، وإنما ذلك بكثرة الملازمة، وشدة المثابرة.

<<  <   >  >>