١ - أن الكتاب لا بُدَّ من القول فيه ببيان معنًى، واستنباط حُكم، وتفسير لفظ، وفهم مراد، ولم يأت جميع ذلك عمَّن تقدَّم؛ فإما أن يُتوقَّف دون ذلك فتتعطَّل الأحكامُ كلُّها أو أكثرُها، وذلك غير ممكن؛ فلا بُدَّ من القول فيه بما يليق.
٢ - أنه لو كان كذلك للزم أن يكون الرسول ﷺ مُبيِّنًا ذلك كلَّه بالتوقيف؛ فلا يكون لأحد فيه نظرٌ ولا قولٌ، والمعلومُ أنه ﵊ لم يفعل ذلك، فدلَّ على أنه لم يُكلَّف به على ذلك الوجه، بل بيَّن منه ما لا يُوصَل إلى عِلمه إلا به، وترك كثيرًا مما يُدرِكه أرباب الاجتهاد باجتهادهم؛ فلم يلزَم في جميع تفسير القرآن التوقيفُ.
٣ - أن الصحابة كانوا أولى بهذا الاحتياط من غيرهم، وقد عُلِم أنهم فسَّروا القرآن على ما فهموا، ومن جهتهم بلَغَنا تفسيرُ معناه، والتوقيف يُنافي هذا، فإطلاقُ القول بالتوقيف والمنع من الرأي لا يصِحُّ.
٤ - أن هذا الفرض لا يمكن؛ لأن النظر في القرآن من جهتين:
من جهة الأمور الشرعية؛ فقد يُسلَّم القول بالتوقيف فيه وتركِ الرأي والنظرِ جدلًا.
= في تفسيره وابن تيمية في بعض كتبه أنه لا بُدَّ من شرط ثالث غير الشرطَين اللذين ذكرهما المصنِّف، وهو عدم الخروج عن أقوال السلف التفسيرية المنقولة، وقد نظَّر ابن تيمية لهذا القول وأفاض في الاستدلال له والمنافحة عنه. راجع القول بتوقف تفسير القرآن على أقوال السلف؛ دراسة في استدلالات ابن تيمية من خلال كتابه "جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية"، لأحمد فتحي البشير؛ حجية تفسير السلف عند ابن تيمية؛ دراسة تحليلية نقدية، لخليل محمود اليماني.